حزب “الوسط” الكردي في دمشق.. ورئيسه يوجه اتهامات باطلة لـ(قسد) والإدارة الذاتية

توجَّهَ يوم الثلاثاء الماضي، وفد من حزب “الوسط الكردي” برئاسة “شلال كَدّو” إلى دمشق، في زيارة وصفها مراقبون بأنها تمثل “شقّاً للصف الكردي”.
وقال “كَدّو” في مؤتمر صحفي في دمشق بأنهم “في ضيافة الحكومة السورية”، مضيفاً “لسنا بحاجة لدعوة كي نأتي لدمشق، سوريا بلدنا، ودمشق عاصمتنا، وسنعمل من هنا”.
وأوضح أن الهدف من الزيارة “عقد الاجتماع الدوري للمكتب السياسي في دمشق”.
زيارة “كَدّو” اعتبرها بعض السياسيين الكُرد “خروجاً عن الإجماع الذي تم التوصل إليه في كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي في 26 إبريل/ نيسان الماضي”، وأنه كان من المفترض أن ينضم “كَدّو” وحزبه إلى الوفد المشكل من الكونفرانس، ومن ثم يتوجه الجميع سوية إلى دمشق، لطرح حل القضية الكردية في سوريا بقوة.
فيما أشار آخرون أن الزيارة بهذا الشكل وفي هذا التوقيت، تُضعف الموقف الكردي بشكل عام، ولن تأتي بنتيجة إيجابية في ظل تعنّت ومماطلة الحكومة السورية عن الرد على رسالة الوفد الكردي المشترك المنبثق عن الكونفرانس، إضافة إلى تهرّبها من استحقاقات تنفيذ بنود اتفاقية 10 مارس/ آذار، معتبرين أن الزيارة بشكل منفرد لا تخدم سوى الحكومة السورية التي تحاول بكل الوسائل شقَّ الصف الكردي، وجذب بعض الحركات والأحزاب الكردية مقابل منحها “مزايا خاصة”.
وذكرت مصادر في العاصمة دمشق، أن “كَدّو” ووفد حزبه عقدوا اجتماعاً مع مدير الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية السورية “قتيبة الإدلبي”، وهو يعتبر موظف صغير. كما اجتمع الوفد مع ما يسمى رئيس “لجنة الحوار الوطني” المدعو “حسن الدغيّم”، وهو قيادي في جماعة “الإخوان المسلمين”. ومن المرتقب أن يعقد اجتماعاً مع كل من وزيرَي التربية والإعلام، حسب تلك المصادر.
إلا أنه لم يتم استقبال وفد حزب “الوسط” من قبل شخصيات سياسية رفيعة المستوى في الحكومة السورية مثل وزير الخارجية والرئيس، ما يشير إلى عدم إيلاء أهمية بالزيارة، حسب وصف بعض المراقبين والنشطاء السياسيين.
هذا فيما أكدت مصادر مطّلعة في دمشق، أن الحكومة تخطط لإجراء “الاجتماعات بشكل فردي منفصل عن الأجسام السياسية الكردية الأخرى، أي ليس عبر وفد موحد، كما يخطط الكرد”، ونوهت إلى أن حزب “الوسط” حقق رغبة الحكومة السورية فقط لا أكثر.
وفيما قال “كَدّو” بأن “المجلس الوطني الكردي ليس معارضاً للحكومة السورية”، وأن “وفد حزب الوسط يعبّر عن نفسه فقط في هذه الزيارة”، لافتاً إلى أن “زيارتنا هذه لن تؤثر على الوفد الكردي المشترك”، فإنه مقابل هذه التصريحات أكد رئيس المجلس الوطني الكردي “محمد إسماعيل” في تصريح لتلفزيون “روداو”، بأن “زيارة كَدّو وحزبه إلى دمشق لا تمثلنا”.
وأشار “كَدّو” إلى أن “عدداً من القوى المنضوية تحت مظلة المجلس الوطني الكردي، تعتبر أن دمشق هي الرئيسية لنضال الكرد السوريين اليوم، وأن الشعب السوري برمته يجب أن يتكاتف لبناء سوريا”، وكأن “كَدّو” يسعى إلى تلقين الكرد، وخاصة أحزاب المجلس الوطني، درساً في الوطنية. وهل القوى الكردية تنكر بأن دمشق عاصمتهم؟ يومئ “كَدّو” من خلال هذا القول وكأن الكرد يسعون لـ”الانفصال” عن سوريا، وأن لديهم أجندة لا وطنية وتفكر خارج الجغرافيا السورية، وهذا التصريح ينطوي على مخاطر كبيرة ويوجه اتهامات غير واقعية إلى مجموع الحركة الكردية، وفق بعض السياسيين الكرد.
ووجّه “كَدّو” اتهامات مباشرة وغير صحيحة إلى مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) عبر القول “يجب عليهما الكف عن المماطلة في تنفيذ اتفاق العاشر من مارس/ آذار، الذي ينص على دمج مؤسسات الإدارة الذاتية في شمال وشمال شرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية في وزارات ومؤسسات الدولة السورية”، في تماهٍ فاضحٍ وواضحٍ مع مطالب حكومة دمشق لقلب الحقائق، حيث يحاول من خلال هذا التصريح تبرئة دمشق من سلوكها التهميشي وممارساتها الانفرادية وعدم قبولها الآخر المختلف معها في الرؤية. كما اتهم القوى الكردية بعدم تنفيذها أياً من مخرجات كونفرانس وحدة الصف الكردي على الأرض، وأشاد في ذات الوقت ببيان “رئاسة الجمهورية” المعادي للكونفرانس، ساعياً من خلاله إلى ضرب مشروعية الكونفرانس والإجماع الكردي على مُخرجاته، التي أضحت برنامج عمل لكل القوى المشاركة فيه.
وفي موقف عدَّه البعض ممالأة لموقف دمشق، أدلى “كَدّو” بتصريحات مضادة للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية، قائلاً “الاستفزازات التي تقوم بها (قسد) والإدارة الذاتية مرفوضة، مثل إغلاق المدارس التي تُدرّس منهاج الحكومة السورية، وكذلك فرضها التجنيد الإجباري”، متجاهلاً التغييرات التي أجرتها الحكومة على المنهاج، وأصبح يعبّر عن توجّهات ومفاهيم دينية وسلفية ومذهبية. وكذلك يعزز تصريحه هذا من موقف حكومة دمشق التي تدعو إلى حل (قسد) نفسها دون أي شروط، بأن يصبح شمال وشرق سوريا منطقة مستباحة أمام قوات حكومة دمشق وميليشياتها على غرار الساحل السوري والسويداء.
يتعمّد “كَدّو” إلى طرح المواضيع الحساسة التي تمسُّ أمن واستقرار المنطقة، فقط من أجل حفنة من المصالح الضيقة والرخيصة، وفق ما عبّر عنه أهالي المنطقة.
كما أن دعوته برفض مناهج الإدارة الذاتية، يُفهم منها بأنه يعارض تعلّم كل مكوّن في شمال وشرق سوريا بلغته الأم، وخاصة أنه وحزبه كانا من المطالبين التعلّم باللغة الكردية سابقاً، ولكن عندما أصبح ذلك واقعاً منذ أكثر من أربعة عشر عاماً، بدأ يتنكر له ويصبح أول المدافعين عن مناهج الحكومة السورية، بحجة “أنه معترف بها”.
وتمادى “كَدّو” أكثر في مؤتمره الصحفي، عبر إعلانه تنصّله من أي علاقة مع الإدارة، بالقول “ليس لنا علاقة بقوات (قسد) والإدارة الذاتية”، متهماً زوراً وبهتاناً بأنهما “منبثقتان من حزب الاتحاد الديمقراطي PYD”، وكأنه أحد الموالين للحكومة ويسعى إلى نيل رضاها مقابل إدانة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، في موقف لا يعبّر إلا عن لا أخلاقية وقصور في الرؤية والتصور ولا تخدم إلا أعداء الكرد، حسبما قول بعض النشطاء.
من جهة أخرى ذكر مثقفون كُرد تجاهُلَ “كَدّو” وحزبه إعلانه رفض الدعوة التي وُجِّهت إلى المجلس الوطني الكردي من قبل الرئاسة السورية لزيارة دمشق بشكل منفرد في سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث أعلن حزبه مع سبعة أحزاب وتيارات داخل المجلس الوطني الكردي حينها “موقفاً معارضاً” للمشاركة في أي لقاء مع الحكومة السورية، معتبرة أنه “يمثل خروجاً عن أسس المجلس الوطني الكردي”. ويتساءل هؤلاء المثقفون: “كيف لمن رفض التوجه إلى دمشق بالأمس، الآن يلهث وراء لقاء مع موظف صغير في الحكومة”، معتبرين أن هذا الموقف “يُعَدُّ تقليلاً من شأن الحركة الكردية والشعب الكردي وقضيته العادلة أيضاً.




