مقالات رأي

هل سقطت العمليّة الدستوريّة ؟


فاروق حجّي مصطفى

بنظرالأطراف السوريّة الكثيرة بما فيها التنظيمات السياسيّة،الشخصيّات (قادة الرأي) وحتى على مستوى المنخرطين والمنخرطات في العمليّة الدستوريّة ، إنّ العمليّة الدستوريّة سقطت من حسابات المجتمع الدولي، وإنّ الإعلان عن انتهاء العمليّة، وترك المسألة السوريّة رهن للزمن، والزمن وحده سيطبّع الأوضاع، لا يحتاج إلى حتى إلى إصدار لبيان “السقوط”!
ولعل عاملين يقفان وراء هذا “التصوّر التشاؤمي”:
أوله: خمسة أشهر ولم تعقد اللجنة الدستوريّة اجتماعها، ولا توجد أسباب موضوعيّة سوريّة تقف عائقاً للإجتماع، وهذا الأمر لم يحدث في تاريخ العمليات الدستوريّة للدول التي شهدت النزاعات.
في منطق العمليات الدستوريّة لا تتوقف العمليّة إلا بطرق مشروعة، بمعنى الجهة التي شرّعَت لإطلاق اللجنة هي فقط مخوّلة بوقف اللجنة الدستوريّة عن أعمالها أو إحداث إجراءات تقنيّة كخدمة لتحسين آدائها، لأنّ اللجان الدستوريّة هي تعبير عن ضمير الأمة، وبالتالي من مسؤوليتها إستثمار الوقت والجهد لصياغة الدستور، هذا في العموم، كيف إذا كان الوضع مع سوريا، حيث أحد أهداف العمليّة “وقف الحرب”، أو إنّ مؤداة العملية هي “بناء السلام”؟!
والعامل الثاني: يُلاحظ المتابع للقضيّة السوريّة بإنّ مقاربة العامل الإقليمي والدولي أصبحت مختلفة، وإنّ سيناريو التطبيع( الحكومة) بات يأخذ الصدارة، وإنّ الطرف الاقليمي الأكثر انخراطاً في الشأن السوري هي تركيا ولم تعد تهمها “انتقال الحكم”، إنّما لم تعد ترى مصلحتها في عملية التغيير الديمقراطي بقدر ما إنّ (ربما) بقاء النظام يخدم مصالحها، وإنّ الديمقراطية، واصلاح الحكم في سوريا ستضع سوريا في موقعٍ آخر.
والحال، إنّ سوريا لا يمكن النظر إليها من خلال تطبيع بعض الدول، أو إنّ وضعها لا تأخذ صدارة الأخبار وتاليّاً لا تجذب إهتمام المجتمع الدولي، فالأمر مختلف حتى لو غابت المعارضة من المشهد وانتهت المطالبات السياسية المعارضة، إلا إنّ عودة سوريا ونظام حكمها لوحدها يحتاج الى مساعدة من المجتمع الدولي والأمم المتحدة؛ فترميم الأوضاع لدول شهدت النزاعات لا تتم من خلال الإعتماد على الذات، أو من خلال المعونة من دولة أو دولتين، فإنّ الأمر بحاجة إلى الخبرات والمقدرات بمعنى موارد ضخمة ماليةً أو بشرية-خبراتية.
ولذلك، فانّ النظر إلى الأمر من منظار “عدم إهتمام المجتمع الدولي” لا يعني بتاتاً بسقوط العملية، وإنّ النظام عاد وكأنّ الأمر لم يكن!
بقي القول، إنّ سوريا وكيف ما كانت بحاجة إلى مساعدة من المجتمع الدولي، والعقل القانوني يقيّم ويقول إنّه:” لا يمكن أن تقدم المجتمع الدولي والأمم المتحدة المساعدة دون ما هو مرسوم في قرار ٢٢٥٤!”، ولذلك فإنّ سقوط العملية ضرب من ضروب الخيال، وإنّ العملية النزاعية لا تموت من دون حصول عقود الصلح أو اتفاقات بناء السلام!

ADARPRESS #

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى