تقارير

فيضانات في الشتاء وجفاف في الصيف .. لماذا لا يستفيد إقليم كردستان من مياه موسم الشتاء؟

كاردوخ بيكس
يعاني العراق بشكل عام وإقليم كردستان على وجه الخصوص، من نقص المياه في الأنهار نتيجة سياسة التعطيش، والنفط مقابل الماء، التي تتبعها دولة الاحتلال التركي في سياستها، والواقع الذي تفرضه هذه الدولة تجاه العراق، رغم أن لها الحق في نسبة جريان نهر دجلة، كما سوريا.
تتبع الدولة التركية هذه السياسة رغم أن اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 بشأن قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، وتعد هي المعاهدة الوحيدة التي تغطي المياه العذبة المشتركة وتطبق بشكل عالمي ما بين الدول المتشاطئة لأي نهر.
عشرات التقارير تحدثت عن واقع العراق ومعاناته المستدامة من نقص مياه نهر دجلة الذي يغذي مناطق عراقية واسعة، العشرات من أعضاء البرلمان العراقي نوهوا وحذروا وطالبوا الحكومة العراقية برفع دعوة ضد تركيا لتقليصها مستحقات العراق من مياه النهر لكن دون جدوى.
في إقليم كردستان ومنذ العام 2004 الفيضانات تجرف المنازل وتودي بحياة المواطنين وتجرف أراضيهم الزراعية، وتؤثر على الطبيعة الخلابة التي تجذب السياح من دول الجوار والدول الغربية.
رغم ذلك اختارت مجلة ناشيونال جيوجرافيك وصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إقليم كردستان العراق من أفضل المناطق السياحية فى العالم لعام 2011.
وذكرت صحيفة الدستور العراقية، أن التقرير الذي أعدته ناشيونال جيوجرافيك ونيويورك تايمز، اعتبر إقليم كردستان العراق من أفضل 20 منطقة سياحية فى 2011، وإنه يعد واحة للسلام والاستقرار، ويجذب باستمرار السياح الغربيين إلى مدنه التاريخية وجباله المغطاة بالثلوج وأسواقه الصاخبة.
والسؤال هنا كيف ستكون تلك المناطق لو أن جزءاً من ميزانية الإقليم خصصت لتحسين البنى التحتية والمناطق السياحية لهذا الإقليم؟
إقليم كردستان غني بنفطه ويملك آبار نفط تحوي مخزوناً احتياطياً كبيراً تقوم باستخراجه وتصديره لتعود بالنفع على حكومة الإقليم، ولكن دون أدنى اهتمام بالواقع السياحي والزراعي وحتى الخدمي.
اليوم نحن في العام 2025 وما زالت الفيضانات تضرب مناطق الإقليم، وما زال الجفاف يقض مضجع المزارعين في تلك المناطق دون أن تقدم الحكومة أي دعم لأي مشروع حكومي مستقبلي يمكنه من السيطرة على تلك الفيضانات، أو الاستفادة من مياهها عبر تخزينها في سدود تقوم الحكومة بإنشائها.
سنوياً، مليارات الأمتار المكعبة من المياه العذبة الناتجة عن تساقط الأمطار والثلوج تتشكل على شكل سيول تنحدر من الجبال اتجاه الوديان في تلك المناطق، وإلى المناطق السكنية التي تفتقر إلى اليوم أدنى معايير الخدمات والصرف الصحي.
تذهب هذه المياه وتصب في الأنهار الكبيرة وروافدها لتصب بالنهاية في البحر، والحل ما زال غائباً، ليعود الصيف وتعود معه معاناة الفلاحين من شح المياه.
مع كل موسم أمطار تعود هيئة الأرصاد الجوية وتحذر من استمرار تساقط الأمطار، داعية السكان إلى اتباع الإرشادات الرسمية، واتخاذ أقصى درجات الحيطة للحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم. وهذا الأمر مستمر منذ سنوات دون أن تتحرك الحكومة لوضع حل لهذه المأساة.
قبل أيام شهدت مدن جمجمال وكالار ورواند في إقليم كردستان فيضانات ناجمة عن يومين متواصلين من الأمطار الغزيرة، أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين، وفقاً للمسؤولين المحليين.
وهذا الحادث يتكرر تقريباً بشكل سنوي، وليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير ما لم تقدم حكومة إقليم كردستان على تخصيص ميزانية تناسب حجم الخراب والدمار الحاصل.
مع النهضة العمرانية التي تشهدها مراكز المدن الرئيسية في الإقليم كان لا بد من إبداء بعض الاهتمام بالمرافق الحيوية والبنى التحتية والمشاريع الاستراتيجية، وعلى وجه التحديد بناء سدود جديدة للحفاظ على تلك المياه، وتجديد وإعادة ترميم وتأهيل السدود القديمة.
إن لم تقم الحكومة بهكذا مشاريع في المستقبل القريب، وإن لم تبدي اهتماماً بها، وجعل هكذا مشاريع في قائمة خططها السنوية سيستمر شعوب المنطقة من معاناتهم، وتستمر دولة الاحتلال التركي بفرض سياساتها وأجنداتها مقابل المياه، وستخلق المزيد من المآسي والخسائر لتلك الشعوب في قادم السنوات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى