خفايا هجوم “د1عـ.ـش” وفصائل منضوية ضمن الدفاع السورية على مواقع (قسد) شرقي الرقة

كشفت الهجمات الأخيرة ضد قوات سوريا الديمقراطية في ريف الرقة الشرقي، عن تحول ميداني خطير للغاية، لجهة تعاون بعض الفصائل المحسوبة على سلطة دمشق الانتقالية مع تنظيم “داعش” الإرهابي والتنسيق معها في شن الهجمات على مواقع ونقاط (قسد) في قرية “غانم العلي”، شرقي الرقة.
في بيان للمركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، أكد أن الهجمات سيّرت من قبل عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي، وبالتنسيق مع بعض الفصائل المنضوية تحت راية ما تسمى “وزارة الدفاع السورية”، بعد أن أخلت الأخيرة نقاطها لصالح عناصر تنظيم “داعش”، وأمدَّتها بالعتاد وحتى الأسلحة الثقيلة من مدافع ودبابات، إضافة إلى الطائرات المسيرة من نوع “درون” الانتحارية.
وأكد المركز الإعلامي لـ(قسد) أنه أسقط طائرتين مسيّرتين “درون” للتنظيم، واستولى على حطامهما، وأوضح أنه عند تحليل البيانات الموجودة في ذاكرة الطائرتين، تبين أن عنصراً أجنبياً ألبانياً من عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي كان يقود العملية ضد قواتهم، لافتاً أنه تم تقاسم تلك المعلومات مع قوات التحالف الدولي التي كانت تراقب المعارك والاشتباكات عن كثب.
صدر فيما بعد بيان عن “وزارة الدفاع السورية”، حاولت من خلاله قلب الحقائق على الأرض، عبر الادعاء بأنه في هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على نقاط انتشار قواتهم في ريف الرقة الشرقي، قتل اثنان من مقاتليها إضافة إلى سيطرة (قسد) على عدة مواقع لهم، في مسعى فاضح على تبني تنظيم “داعش” الإرهابي والتغطية على أعماله الإرهابية، وهو حسب مراقبين يضع انضمام سوريا إلى قوات التحالف الدولي على المحكِّ وفي موضع شك خلال أول اختبار لها، معتبرين أنها محاولة مواربة لاحتضان التنظيم الإرهابي تمنحه فرصة العمل تحت غطاء “شرعية الدولة السورية”.
يرى مراقبون أن الحكومة السورية تسعى من خلال إشعال جبهات الرقة إلى تحقيق هدفين أساسيين:
الأول، التغطية على أعمال التنظيمات الإرهابية المنفلتة المرتبطة بها، وكذلك عدم لفت الأنظار إلى الاعتقالات التي تنفذها في مناطق سيطرتها، وخاصة ضد بعض قيادات تنظيم “داعش” الإرهابي، مثل القيادي في التنظيم المدعو “أبو أحمد الجميلي” الذي اعتقل في مدينة حلب. حيث ظهر تناقض صارخ في بيان وزارة الداخلية السورية صدر منذ عدة أيام أعلنت فيه اعتقال “الجميلي” في مدينة حلب، رغم أنها أعلنت عن اعتقاله في وقت سابق من هذا العام ادعت حينها بأنه يقف وراء تفجير كنيسة “مار الياس” في الدويلعة بمدينة دمشق، ولتعلن اعتقاله للمرة الثانية في مدينة حلب، ما يشير إما إلى عدم اعتقاله في المرة الأولى، أو أنه تم اعتقاله ومن ثم أفرج عنه، أو أنه لم يعتقل في المرتين، فقط أعلن عن الاعتقال لعدم لفت الأنظار إليه. فيما اعتقلت قيادي آخر في التنظيم يُدعى “أبو سيف العدل” في مدينة دمشق. كما أن الهجوم على (قسد) يحقق غايتها في تحويل الحملة الإعلامية المحمَّلة بكل عناصر الحقد والكراهية ضد (قسد) إلى واقع تُقنع من خلاله أنصارها والمؤيدين لها بأنها تنفّذ مطالبهم. فيما الواقع يتناقض مع ذلك كلياً.
الهدف الثاني، عرقلة توجه وفد شمال وشرق سوريا إلى دمشق لاستئناف الحوار والمفاوضات، لإدراكها أن زيارة الوفد هذه المرة ستفضي إلى توقيع بعض الاتفاقيات ووضعها موضع التنفيذ، خاصة فيما يتعلق بمسألة اندماج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري، لذلك تحاول حكومة دمشق ومن ورائها دولة الاحتلال التركي تقويض هذه الخطوة وخلق المبررات لعدم توجه الوفد إلى دمشق، فلا يُعقل أن تكون هناك مفاوضات فيما المعارك مشتعلة، ولا يمكن أن تتم المفاوضات تحت السلاح بأي حال من الأحوال.
بيان مركز إعلام (قسد) أوضح أنه تم إحباط كل الهجمات التي نفذتها عناصر “داعش” وأخرى تابعة لسلطة دمشق، مؤكدة تعرض مواقعهم إلى قصف بقذائف المدفعية والدبابات في منطقة “معدان” الواقعة بين الرقة ودير الزور من قبل فصائل حكومة دمشق، مشيرة إلى أن القصف جاء لتخفيف الضغط على مجموعات تنظيم “داعش” وتشتيت قوات سوريا الديمقراطية عبر فتح جبهات قتال موازية.
وقبل بدء المعارك الأخيرة بيومين، كشف أحد القياديين في خلايا تنظيم “داعش” الإرهابي، عن مجموعة من الحسابات التي يشغلها ما يسمى “أبو حاتم شقرا”، إثر خلافات ظهرت بين الطرفين بسبب تأخر دفع الأموال.
وحسب التسريبات التي تداولها عناصر التنظيم؛ فإن “أبو حاتم شقرا”، شكّل غرفة عمليات عسكرية على مواقع التواصل الاجتماعي الـ”واتس آب” لعدد من عناصر التنظيم الذين يتولون مهمة تهديد النشطاء والسياسيين والوجوه البارزة في المجتمعات المحلية بمناطق شمال وشرق سوريا، بهدف خلق البلبلة وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
تلك التسريبات كشفت مرة أخرى حقيقة المدعو “أبو حاتم شقرا/ أحمد فياض الهايس”، والذي عمل سابقاً ضمن صفوف التنظيم، فيما يذهب بعض المراقبين إلى الاعتقاد بأنه لم ينفصل عن التنظيم أبداً، بل كان ممثلاً له ضمن ما كان يسمى “الجيش الوطني السوري”، ويقود مجموعة إرهابية باسم “أحرار الشرقية”. إلا أنه رغم معرفة سلطات دمشق بماضي “شقرا” وأفعاله الإرهابية في منطقة عفرين، فقد تم تعيينه قائداً لما تسمى “الفرقة 86” في محافظات دير الزور، الرقة والحسكة في شمال وشرق سوريا، ليقود مجموعات خلايا تنظيم “داعش” الإرهابي تحت شرعية وزارة الدفاع السورية، وتضعها في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية.
من جهتها، نشرت (قسد) مشاهد موثَّقة حول استخدام تنظيم “داعش” الإرهابي مواقع عسكرية تعود لقوات “أبو حاتم شقرا” في الريف الشرقي لمدينة الرقة، وذلك خلال الهجمات التي شنتها تلك المجموعات ليل الأربعاء/ الخميس على مواقع (قسد)، مما يوثق التعاون والتنسيق بين الطرفين ضد (قسد)، في الوقت الذي أعلنت فيه سلطات دمشق عن انضمامها للتحالف الدولي المناهض لـ”داعش”.
ويُعَدُّ “أبو حاتم شقرا” أحد المدرجين على لوائح الإرهاب والعقوبات الأمريكية، ومتورّط في عملية الإعدام الميداني للسياسية الكردية “هفرين خلف” عام 2019.
من جانب آخر؛ قال مصدر عسكري في قوات سوريا الديمقراطية لوكالة “نورث برس”، إن مفاوضات تجري مع السورية الانتقالية لتهدئة التصعيد شرقي الرقة.
وذكرت الوكالة أن المصدر فضّل عدم الكشف عن اسمه، لكنه أكد أن المفاوضات مستمرة، وأن النتائج غير مكتملة وبحاجة للمزيد من الحوار لحل المشاكل الميدانية.
المصدر العسكري في (قسد) أشار إلى أن المفاوضات مستمرة لتهدئة الوضع، وأنه سياسياً هناك توافق على ضرورة الحفاظ على السلم والتهدئة من قبل الطرفين.
تحاول سلطات دمشق بين فترة وأخرى اختبار جدية قوات سوريا الديمقراطية، عبر افتعال اشتباكات على خطوط التماس، محاوِلة جرها إلى معارك أكبر، في حين تتعرَّض الأراضي السورية في الجنوب إلى انتهاكات مستمرة من قبل إسرائيل، وبشكل يومي، ولا تحرّك ساكناً، ودخول رئيس الوزراء الإسرائيلي قبل يومين، ومن ثم خرق سرب من الطائرات الإسرائيلية لكامل الأجواء السورية، لا تراه انتهاكاً للسيادة السورية، بل تجد في شركاء الوطن تهديداً لها.




