“عبدي” في منتدى دهوك: انضمام (قسد) للدولة السورية سيمنحها مزيداً من الاستقرار والسلام ويمنع عودة المركزية

خلال مشاركته في منتدى “السلام والأمن في الشرق الأوسط (MEPS 2025)” الذي نظمته الجامعة الأمريكية في دهوك بإقليم جنوب كردستان، أكد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي” في كلمة له، أن سوريا وصلت إلى مرحلة لم يعد فيها للحرب مكان، وأنّ الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من 14 عاماً.
وكشف “عبدي” أن المفاوضات بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية الانتقالية “تسير ببطء لكن بثبات”، لافتاً إلى أن هناك إمكانية لتحقيق تقدم في المفاوضات حتى نهاية العام الجاري، موضّحاً أنّ انضمام قوات سوريا الديمقراطية إلى الدولة السورية سيمنح سوريا ودول الجوار مزيداً من الاستقرار والسلام.
وعن سير المفاوضات في اتفاقية العاشر من آذار، قال “عبدي”، “إن المفاوضات مع الدولة السورية تسير ببطء لكننا واثقون من نجاحها، وإن الملفات العسكرية والأمنية شهدت تقدماً كبيراً ولم يبقَ سوى “تفاصيل أخيرة” قبل الإعلان الرسمي عنها بشكل مكتوب وخطّي موقّع بين الطرفين”.
وأشار إلى أن مرحلة الحوار الحالية تواجه معوّقات كبيرة، أبرزها انعدام الثقة بين الطرفين، واستمرار المخاطر على حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، إلى جانب إجراءات حكومية أقصت أطرافاً مختلفة، ما ولّد مخاوف إضافية، وكذلك عدم تحقق عودة المهجرين قسراً إلى ديارهم مثل مهجّري عفرين.
وعبّر “عبدي” عن ثقته بأن الإرادة السياسية لتنفيذ اتفاق 10 آذار يمكن أن تنجح، مؤكداً أن شمال وشرق سوريا يمتلك هذه الإرادة ويدعم استمرارها، مطالباً الحكومة الانتقالية في سوريا بإبداء خطوات واضحة مماثلة، وكذلك دول الجوار.
وأوضح أن المجتمع الدولي يتجه نحو إعطاء سوريا “فرصة جديدة للحوار”، وأن الإدارة الذاتية بدورها مستعدة للمضي في هذه الفرصة حتى النهاية، مطالباً الجميع، وفي مقدمتها تركيا، منح الحوار بين شمال وشرق سوريا والحكومة الانتقالية مثل تلك الفرصة لحل القضايا بالحوار.
وشدد “عبدي” على أن الإدارة الذاتية و(قسد) بجميع مؤسساتها المشكَّلة في شمال وشرق سوريا، لا تشكلان خطراً على أي جهة، موجهاً رسالة مباشرة إلى تركيا، قائلاً: “نطالب جارتنا تركيا ألّا ترى في مؤسساتنا العسكرية والإدارية والأمنية تهديداً، فهي مؤسسات للسلام والأمن”.
وكشف عبدي أن اتفاق العاشر من آذار شكّل منعطفاً مهمّاً، بإغلاق الطريق أمام محاولات تقسيم سوريا ومنع انزلاقها إلى حرب أهلية، مؤكداً أن الاتفاق ضمَّنَ الاعتراف الدستوري بحقوق الكرد، رغم أنه جاء بوساطات جزئية وفي ظروف معقّدة، وبيّن أن الاتفاق فتح باباً جديداً أمام فرص السلام ومنع الحروب.
وأوضح “عبدي” أن الملفات المتعلقة بالإدارة وشكل الحكم، ما تزال قيد التفاوض، مذكّراً أن سوريا لن تعود دولة مركزية كما كانت في عهد نظام البعث، بعد كل ما جرى خلال 15 عاماً من الحرب، وأن هذه مسألة محسومة بالنسبة لشعوب شمال وشرق سوريا. وعبّر عن أمله في حصول تقدم في المفاوضات مع دمشق حتى نهاية العام الجاري. مشدداً على ضرورة بناء شكل جديد للدولة يعكس التعددية وحقوق المكوّنات. وقال عبدي إن السوريين خبروا الحروب جيداً، وإن غياب الحوار كان واحداً من أبرز أسباب سقوط النظام البعثي، مؤكداً على أن (قسد) والإدارة الذاتية لم تختر الحرب يوماً، بل فُرضت عليهما. ونوَّه أن ما تحتاجه سوريا اليوم لا يمكن تحقيقه عبر القتال، بل من خلال مفاوضات وطنية شاملة.
وحول حل القضية الكردية في سوريا، قال قائد (قسد) إن حلها يجب أن يتم عبر الدستور، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي منح الحكومة السورية فرص النجاح، داعياً الدول الفاعلة إلى دعم الحوار بين دمشق والإدارة الذاتية، وقال إن قوات سوريا الديمقراطية لا تشكل خطراً على أحد.
ولفت قائد (قسد) إلى الدور الذي لعبه الشعب الكردي إلى جانب المكوّنات السورية الأخرى في شمال وشرقي سوريا في محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي. وشدد “عبدي” أن الشعب الكردي في روج آفا مع المكونات السورية الأخرى حارب “داعش” بشجاعة.
وكشف القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي” عن دعمه لمبادرة السلام في تركيا، معتبراً أنها “فرصة جديدة للسلام في تركيا والشرق والأسط”، وأضاف “نحن ندعم هذه المبادرة ومستعدون للمساهمة بإنجاحها”.
من جانب آخر، دعا “عبدي” الأطراف السياسية في جنوب كردستان إلى لعب دور أكبر في دعم وحدة الصف الكردي، وتعزيز عملية السلام في تركيا، إضافة إلى دعم الحوار بين شمال وشرق سوريا والحكومة الانتقالية، مبيّناً أن للقوى الكردية في جنوب كردستان، وبالأخص الزعيم الكردي مسعود بارزاني، دور مهم في السلام بالمنطقة، مطالباً دعمهم في تشجيع الوحدة الكردية في سوريا.
كما دعا أبناء الشعب الكردي في جنوب كردستان وشمال كردستان والخارج إلى الإسهام بقوة في مرحلة إعادة إعمار سوريا، مؤكداً أن للكرد دوراً مركزياً في بناء الاستقرار والسلام في المنطقة خصوصاً في سوريا.
وختم عبدي بالتأكيد على أن قوات سوريا الديمقراطية وشعوب شمال وشرق سوريا، بدعم من التحالف الدولي، قدمت تضحيات كبيرة لهزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي، لافتاً إلى أن المرحلة الجديدة تتطلب دعماً سياسياً واسعاً للمضي نحو مستقبل أكثر استقراراً وسلاماً لسوريا والمنطقة.
وعلى هامش المنتدى؛ عقد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي” والرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية “إلهام أحمد” اجتماعاً مع رئيس حكومة إقليم جنوب كردستان “مسرور بارزاني”، كما حضر الاجتماع كل من “عثمان بايدمير” الرئيس الأسبق لبلدية “آمد/ ديار بكر”، ورئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا “محمد إسماعيل”. تطرق الاجتماع إلى وحدة الصف الكردي، وضرورة التواصل بين جميع الحركات والأحزاب الكردية، تمهيداً لعقد مؤتمر وطني كردستاني على مستوى الأجزاء الأربعة لكردستان.
وكان كل من “مظلوم عبدي” و”إلهام أحمد” قد وصلا إلى مدينة “دهوك” بإقليم كردستان صباح اليوم، الأربعاء، وكان في استقبالهما وزير الخارجية العراقي الأسبق وعضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني “هوشيار زيباري” وعدد من المسؤولين الكبار في حكومة إقليم جنوب كردستان.




