العـ.ـدوان التركي على إقـ.ـليم كردسـ.ـتان: 42 عاماً من الخـ.ـروقات المتواصلة للقـ.ـانون الـ.ـدولي

منذ أكثر من أربعة عقود، وتحديداً في 25 أيار/مايو 1983، بدأت الدولة التركية شنّ هجماتها العسكرية على إقليم كردستان. وقد أسفرت هذه الهجمات، على مدار السنوات، عن سقوط آلاف الضحايا من المدنيين، وتدمير مئات القرى، بالإضافة إلى حرق آلاف الهكتارات من الغابات والأراضي الزراعية.
انطلقت أول عملية عسكرية تركية رسمية في إقليم كردستان بمشاركة ما يزيد عن 7,000 جندي، بهدف القضاء على “حركة حرية كردستان”. ومنذ ذلك التاريخ وحتى 25 أيار/مايو 2025، لم تتوقف هذه العمليات، بل تصاعدت وتيرتها وتوسّعت رقعتها الجغرافية.
وفي عام 1983، وُقّعت اتفاقية “التعاون وأمن الحدود” بين تركيا والعراق، والتي سمحت للطرفين بملاحقة مقاتلي حركة حرية كردستان حتى عمق 10 كيلومترات داخل أراضي الدولة الأخرى. غير أن تركيا استغلت هذه الاتفاقية، إلى جانب الظروف السياسية والأمنية التي مرّ بها العراق، لتتعمق داخل أراضي إقليم كردستان حتى مسافة 40 كيلومترًا في عام 1991.
منذ ذلك الحين، نفّذت القوات التركية آلاف العمليات العسكرية والغارات الجوية داخل الإقليم، واستخدمت خلالها، بحسب تقارير، أسلحة محرمة دوليًا، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية. وتشير بيانات منظمة CPT الأميركية إلى إنشاء 64 قاعدة عسكرية تركية داخل إقليم كردستان.
تفيد بيانات CPT، باستشهاد وإصابة أكثر من 700 مدني جراء القصف التركي، إضافة إلى إخلاء ما يقارب 200 قرية، وتهديد أكثر من 400 قرية أخرى بالإخلاء القسري، وذلك بين عامي 1991 وحزيران 2024.
أما في عام 2024، وثّق المركز الإعلامي لقوات الدفاع الشعبي أكثر من 5,357 هجومًا نفذتها القوات التركية على مناطق الدفاع المشروع ومواقع داخل إقليم كردستان، باستخدام طائرات حربية، مروحيات، طائرات مسيرة، إلى جانب أسلحة محظورة وكيميائية.
وفي عام 2025، شهدت الهجمات التركية تصعيدًا جديدًا، حيث توسعت العمليات لتشمل القرى والمدن، مع تحركات عسكرية مباشرة داخل القرى وعلى حدود محافظة دهوك، وتأسيس نقاط تفتيش عسكرية، وفرض إجراءات أمنية على السكان المحليين، من بينها تفتيش الهويات ووثائق السفر.
وقد تسببت هذه العمليات في حرق آلاف الدونمات من الغابات والأراضي الزراعية، وخلّفت أضراراً بيئية جسيمة.
ورغم محاولات كردية وعراقية لإيقاف هذا التصعيد، فقد ظل الوضع على حاله. ففي عام 2005، أصدر برلمان إقليم كردستان قراراً يطالب بإزالة جميع القواعد التركية من أراضي الإقليم، ومنع وجود أي قوات أجنبية فيه، لكن القرار لم يُنفذ. كذلك، طالبت الحكومة العراقية في عام 2017 رسميًا بوقف الهجمات التركية، إلا أن هذه المطالبات بقيت في حدود التصريحات الإعلامية دون أي أثر عملي.
و لإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من أربعة عقود، وجّه القائد عبد الله أوجلان في 27 شباط/فبراير 2025 نداءً للسلام والمجتمع الديمقراطي، دعا فيه إلى نزع السلاح وتحقيق الديمقراطية كسبيل وحيد لبناء مستقبل مستقر للجمهورية التركية، قائلاً:
“القرن الثاني للجمهورية لا يمكن أن يتمتع بالوحدة والاستمرارية إلا إذا تُوّج بالديمقراطية. لا يمكن البحث عن أنظمة أو تنفيذها خارج إطار الديمقراطية. الإجماع الديمقراطي هو الأسلوب الأساسي، وفي هذه العملية أدعو إلى نزع السلاح، وأتحمّل المسؤولية التاريخية لهذه الدعوة.”