مانشيتمقالات رأي

حـ ـرب غزة وامتحان العلاقات التركية – الإسرائيلية

لاختيار

قبل هجوم حماس في السابع من الشهر الماضي، ثم الحرب الإسرائيلية على غزة، كانت تركيا وإسرائيل تستعدان لفتح صفحة جديدة بينهما.

فالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وأعلن أنهما بحثا موضوع التنقيب عن الطاقة في المتوسط، وأنهما سيتبادلان الزيارات في المرحلة المقبلة.

كما أن وزير الطاقة التركي، أرسلان بيرقدار، كان يستعد لزيارة إسرائيل لمناقشة التعاون معها في مجال الطاقة، وطرح مشروع تركيا لنقل الغاز من إسرائيل إلى أوروبا عبر تركيا.

هذه اللحظة التاريخية التي كانت أنقرة وتل أبيب تنتظرانها بشغف، بدت مع حرب غزة وكأنها في مهب الريح، بل أصيبت بمقتل، لا سيما مع انتقال تركيا من سياسة إظهار الحياد إلى دعم حماس، خاصة بعد إعلان الرئيس أردوغان، أن حركة حماس ليست منظمة إرهابية، وإنما حركة تحرر، ومن ثم تصعيد الخطاب ضد إسرائيل، عندما وصفها بمجرمة حرب، معلنا أنه لن يتواصل بعد اليوم مع نتنياهو، وهو ما أدى إلى نشوب حرب تصريحات بين الجانبين، وتبادل سحب الدبلوماسيين دون الإعلان عن قطع العلاقات بينهما.
في الواقع، إذا كان من الطبيعي أن تترك حرب إسرائيل على غزة تداعيات على علاقات إسرائيل بدول المنطقة، فإن ثمة اعتقاد بأن الذي دفع تركيا إلى التصعيد الكلامي ضد إسرائيل، أمران أساسيان. الأول، أن إسرائيل ذهبت بعيدا في أعمال قتل المدنيين، وقصف المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس والمنشآت، مخلفة آلاف الضحايا، بينهم قرابة أربعة آلاف طفل، وسط رفض لكل المناشدات بوقف إطلاق النار، مستندة في ذلك إلى دعم أمريكي مطلق لها، وهو ما وضع العالم العربي والإسلامي في حرج شديد، وسط مخاوف من توسيع نطاق الحرب، ودخول المنطقة في مسار مجهول.

والثاني، تطور الرأي العام في الداخل التركي، وزيادة الغضب الشعبي، الذي وصل إلى حد توجيه حلفاء الرئيس أردوغان، على رأسهم حليفه التاريخي، زعيم الحركة القومية، دولت بهجلي، الذي أعطى إسرائيل مهلة 24 ساعة لوقف إطلاق النار وإلا فإن تركيا ستتخذ خطوات ضدها، انتقادات له، وهو ما وضع أردوغان في حرج شديد، لا سيما مع حزبه (العدالة والتنمية) فضلا عن عموم قاعدته الشعبية، ولمثل هذا الأمر أهمية كبيرة لديه، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية التركية، حيث يتطلع أردوغان إلى استعادة حزبه رئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة بعد خسارته لهما في انتخابات عام 2019.

السؤال الذي يطرح، هل الأزمة المستجدة في العلاقات التركية- الإسرائيلية، بسبب حرب غزة، هي أزمة طارئة أم أنها ستجد طريقها إلى الحل لاحقا؟ في الواقع، إذا كان من الصعب الإجابة عن هذا السؤال في الوقت الحالي، لا سيما مع استمرار إسرائيل في عملياتها الحربية ضد غزة، ورفضها أي وقف لإطلاق النار، فإن ثمة عوامل كثيرة تدفع إلى الاعتقاد بأن هذه الأزمة لن تؤدي إلى قطيعة بين البلدين، فحجم المصالح كبير بينهما، لا سيما مع وصول حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى قرابة 9 مليارات دولار، وكذلك بسبب حجم المشاريع التجارية الضخمة المطروحة، خاصة في مجال الطاقة، فضلا عن التحولات الجارية في السياسة الخارجية التركية.

تلك التحولات التي تجسدت في التقارب التركي مع دول الخليج العربي ومصر، وسط اعتقاد بأن هذه التحولات ستشمل إسرائيل أيضا بعد أن اتخذ البلدان خطوات مهمة في هذا السياق.

ويضاف إلى ما سبق حسابات تركيا بأن وصول العلاقة مع إسرائيل إلى القطيعة سيؤثر سلبا على العلاقات التركية – الأمريكية التي تعاني أصلا من خلافات كثيرة.

الثابت أن حرب غزة وضعت العلاقات التركية – الإسرائيلية أمام امتحان صعب، قد تؤثر على بعض المشاريع والأعمال التجارية دون أن يعني ما سبق أنها لن تجد طريقها إلى الحل في لحظة الإعلان عن وقف إسرائيل حربها على غزة.

خورشيد دلي/ العين الاخبارية

ADARPRESS #

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى