مقالات رأي

ثقافة الاسـ ـتبداد ذات الخلفية المـ ـغولية والعنـ ـصرية المنسوبة للعرب

يؤكد العديد من علماء الاجتماع على أن العالم يتغير كل عشرين سنة. وعلى الأرجح هذه حقيقة علمية، لكن قلة من المهتمين بالشأن العام ومدعي العمل في السياسة يدركون ذلك، وان أدركوا، فالكسل أو المصلحة الشخصية تبعدهم عن التفكير بطريقة جديدة لتواكب المتغيرات.
في سياق التوقف عند المتغيرات والالتفات الى الوراء، يقال إن اهم سبب لمعارضة رياض الترك مواليد (1930- متزعم أحد تيارات الحزب الشيوعي السوري) لحافظ الأسد، هو أن رياض الذي كان مدعياً للعروبة الصافية والوطنية المتشددة والطائفية الضامرة كان يعد حافظ الأسد متساهلاً مع الكورد… وهذا ما خرج عن القيل والقال والاحتمالات وتأكد تماماً بعد خروجه من السجن واعتراضه الشديد على اعادة الجنسية للمجردين منها من الكورد السوريين سنة 2011. بل عقد ندوات حتى في دول اوربية زمجر فيها وصرخ معترضاً على منح الجنسية للفقراء والعمال الكورد المساكين الكادحين الذين (على أساس هو من يدعي الدفاع عن حقوقهم). هذا جانب من موقف وجه السحارة (الحقوقي)، أو ما سمي زوراً بمانديلا سوريا! الذي عارض تأمين أحد ابسط حقوق الانسان لشريحة من (مواطني) بلده.
قبل أيام نشرت مادة تبين تفاصيل الخارطة الجينية للمقبور صدام حسين، وبحسب تفاصيل التقرير – المادة فان جيناته 3% فقط عربية والباقي مختلط هندي وآسيوي الخ … بصرف النظر عن صدقية هذه المعلومة، وهذا القيل أو ذاك، الذي يستجر خلفه أكثر من تساؤل: ما علاقة كل ذلك بالعرب والكورد؟! المقصود، والعبرة ليست في خارطة DNA وانما في الانتماء الى مدرسة الاجرام وانتهاك حقوق الانسان، بالفطرة أو تحت ظروف وسياقات مصطنعة، المعنى أنه ثمة خيط ما رفيع يربط كل هذا العنف والاجرام بماض سحيق، بمجتمعات كانت خارج نسق الشعوب الأصلية المستقرة في المنطقة.
والمغزى أيضاً أن الحقيقة المرة التي أفصحت عن ما دفع بالتركماني الأصل أيقونة المعارضة السورية (الديمقراطية الشيوعية) رياض الترك بأن يرفض حق التجنيس للكورد هو أنه حتى بعد سجنه لمدة تقارب العشرين سنة لم تتطبع ثقافته ولم تتأثر جيناته المغولية المحبة لاضطهاد الآخر بأي مسحة انسانية، بل ظل حتى بعد هذه المعاناة متعطشا لممارسة الظلم ووفيا لثقافة ازالة ما تبقى من الشعوب الراسخة في الشرق الأدنى. والمؤسف أيضاً أنه كان يقدم على هذه المواقف ويتاجر بها، مزايدة على العرب ومبالغة في معاداة الكورد، وربما خدمة لجهات تركية ذات الصلة بطريقة أو أخرى…
مناسبة هذا الكلام هو الحادث الاجرامي الذي أقدم عليه مجموعة من المأجورين من ابناء المنطقة الشرقية، اذ قتلوا عائلة مسالمة كوردية بدون أي ذنب أو سبب في مدينة جنديرس المنكوبة. وهي بصيغة ما استمرارية لقتل العديد من المدنيين الكورد الأبرياء في السنوات القليلة الماضية، والتي واكبت المواقف الشوفينية والعنصرية التي تمت ممارستها على عدة مستويات باسم العروبة…
قراءتنا الأولية تحيل هذه الجريمة الأخيرة الى مخططيها (من ثقافة القتل المغولية) دون اتهام شخص بعينه، لأن هذه الثقافة بات توجه تحركات وسياسات الدولة التركية العميقة، وهي التي خططت وتخطط لقتل الكورد منذ أمد بعيد، وهي التي دفعت الى ارتكاب هذا الاجرام في هذا الوقت بالضبط لتوسيع الهوة بين الكورد والعرب، والنفخ في نار الفتنة الداخلية الجاهلية المستمرة، ومنعاً لأي صيغة تفاهم مستقبلية.
وما الترويج السريع لمقولات معادية للكورد، ونشر تصريحات عدوانية وصبيانية، وهي ليست لشخصيات عربية وازنة أصلاً، الا حلقة في هذا المسلسل الاجرامي المستمر، لذلك يتوجب علينا جميعاً الحذر من احالة الجرم الى توجهات سياسية لمنظمات عربية، ولا تعميمها مناطقياً أو قبلياً. وانما السعي لتحقيق العدالة بمحاكمة الجناة، والبحث عن مخرج للتخلص من وباء السلاح المنفلت الخارج عن القانون، والذي يستفحل بعيداً عن السياسيات التي تخدم المجتمعات السورية، وضرورة لجم الجماعات المسلحة واخراجها من المناطق الكوردية المحتلة، وخاصة عفرين. والسعي لتأسيس ادارات مدنية في كل الشمال السوري.
ما قبل الختام:
لقد توصلنا بالخبرة ومن خلال انتقال المعرفة من الأجيال الأقدم، بأن العربي الأصيل شهم بطبعه، وليس له طمع في أرض الكورد، وليس بحاجة لكي يحارب لغتهم وثقافتهم…فقط وفقط المستعربين الخلاسيين، الدخلاء، المزاودين على العرب أنفسهم، هم من وقف ويقف وراء هذه الجرائم المستمرة منذ أمد بعيد في سوريا وخارجها. والتي تضر بالعرب وجيرانهم. وعلى الشرفاء والنخب الواعية الانتباه لكل هذا اللبس والاضطراب.

د. آزاد علي/ الحوار المتمدن

ADARPRESS #

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى