الإرهـ.ـاب يلتـ.ـهم نفسه في إدلب!
تتحول إدلب اليوم إلى ساحة صراع شرس بين قـ.ـوات الأمـ.ـن العام للحكومة الانتقالية ومجموعات من الجـ.ـهاديين الأجانب، في مقدمتهم الفرنسـ.ـيون والأوزبك. المواجهات مؤشر على انهيار تدرّجي في تحالفات نشأت تحت غطاء الحرب واضطرّت معها إلى التنافس على الموارد والسلطة. السلاح الذي استُخدم سابقًا ضد “الآخر” بات الآن وسيلة لاستهداف الداخل، ما يكشف هشاشة البُنى التنظيمية لدى هذه الجماعات.
المدنيون السوريون هم الخاسر الأكبر؛ فالفوضى الميدانية تؤدي إلى نزوح جماعي، وقطع للخدمات الأساسية، وتدهور اقتصادي سريع. مخيمات النازحين التي كانت مأوى مؤقتًا تحوّلت إلى ساحات أمامية، ما يجعل من سكانها عرضة للإصابات والحصار وارتفاع أسعار السلع. كما أن ثقة السكان المحليين بأي فصيل كانت تراهن عليه لحمايتهم تتآكل، ويزداد الاعتماد على حلول محلية مؤقتة أو على تدخلات خارجية، مع ما يترتّب على ذلك من تبعات اجتماعية وإنسانية بعيدة المدى.
على مستوى الإقليمي، تفتح هذه الصراعات أبوابًا لنفوذ قوى إقليمية تسعى لاستثمار الفراغ لصالحها. أما تركيا فتراقب المشهد عن كثب، وترى في كل توتر ذريعة لتبرير حضورها الأمني أو العسكري، بينما تُعيد دول أخرى حساباتها الدبلوماسية بناءً على مسار الأحداث. هذا الانخراط الإقليمي قد يزيد من تعقيد المشهد ويجعل من إدلب ساحة تتداخل فيها مصالح محلية وإقليمية، بدلاً من أن تكون جزءًا من تسوية وطنية شاملة.
ما يحدث في إدلب اليوم يعكس مأزقًا أعمق في تركيبة النزاع السوري، كون أدوات العنف تتحول إلى عوامل تفكك داخلية تقوّض أي محاولة للاستقرار. إدلب اليوم تواجه اختبارًا مصيريًا بين الاستمرار في حلقة العنف الذاتية أو الانكباب على تسويات حقيقية تأخذ بعين الاعتبار أمن المدنيين وإعادة بناء سلطات قادرة على ضبط الفوضى. وفي غياب حل كهذا، سيبقى المشهد غارقًا في عنفٍ يأكل ما بقي من بنى وغير قادر على إنتاج مستقبل آمن للمنطقة.
