الأمم المـ.ـتحدة: الوضـ.ـع في سوريا هـ.ـشّ ويتطلّب تعـ.ـزيز المسـ.ـاءلة وحمـ.ـاية التعايش

قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، إن الشعب السوري يواصل التأكيد على “إيمانه الراسخ بالسلام والاستقرار والازدهار والعدالة”، بعد مضي عام على سقوط النظام البعثي، مضيفة أن الآمال والتوقعات عالية، “والتحديات المقبلة جسيمة”.
في كلمتها أمام مجلس الأمن الدولي أمس للاستماع إلى البعثة التي عادت من سوريا، أفادت روزماري ديكارلو، بأن السوريين عادوا إلى ديارهم بأعداد كبيرة، بمن فيهم أكثر من مليون لاجئ وما يقرب من مليوني نازح داخلياً، وقد رفعت العديد من الدول العقوبات الثنائية المفروضة على سوريا، بما في ذلك إلغاء الكونغرس الأمريكي لقانون قيصر.
توترات طائفية
إلا أن المسؤولة الأممية أكدت أن الوضع على الأرض لا يزال هشا، على الرغم من الانخفاض الملحوظ في مستويات العنف، حيث “أدت سنوات الصراع وعقود من الحكم القمعي وانتهاكات حقوق الإنسان إلى تفاقم التوترات على أسس طائفية”.
وتطرقت إلى الأحداث في الساحل السوري والسويداء، فضلاً عن التوتر بين قوات الحكومة الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية. وقالت إنه في كثير من الحالات، غذت خطابات الكراهية وحملات التضليل “الصراع والخوف بين المجتمعات”، مشيرة إلى استمرار ورود تقارير عن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء وعمليات اختطاف “تستهدف مجتمعات محددة، بما في ذلك العلويين”.
وقالت: “تدين الأمم المتحدة العنف إدانة قاطعة. ونحث على أن تظل الشفافية عنصراً أساسياً في التحقيقات التي أطلقتها السلطات في هذه الحوادث، وأن تتم محاسبة الجناة”.
وأضافت روزماري ديكارلو، إن العمل على معالجة الماضي والمصالحة قد بدأ، ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، مضيفة أن “التشجيع والخبرة الدولية يمكن أن يكملا الجهود الوطنية لدعم السلام والعدالة والمساءلة”.
عوامل تفاقم الوضع الأمني
كما أشارت إلى الغارات الجوية والتوغلات الإسرائيلية في جنوب البلاد التي أدت إلى تفاقم الوضع الأمني، ودعت إسرائيل إلى الامتناع عن انتهاك سيادة سوريا ووحدة أراضيها. وقالت إن استئناف الحوار بين سوريا وإسرائيل بشأن الترتيبات الأمنية أمر بالغ الأهمية، وكذلك المشاركة الدولية والإقليمية القوية في هذا السياق.
وسلطت الضوء أيضاً على استمرار التركيز المحلي والإقليمي والدولي على جهود مكافحة الإرهاب في سوريا، مع استمرار المخاوف بشأن “وجود مقاتلين إرهابيين أجانب وعودة تنظيم داعش”.
وأضافت أن انتشار الأسلحة التقليدية والتحديات المتعلقة بإدارة المخزونات تمثلان تحدياً أمنياً إضافياً، وأن الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة “لا تزال تقتل وتشوه السوريين يومياً”.
وقالت: “كل هذا يشير إلى ضرورة أن يصاحب الانتقال السياسي برنامج سوري لإصلاح القطاع الأمني ونزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج”.
التعامل مع الماضي
وقالت روزماري ديكارلو، إن التعافي الحقيقي لا يمكن أن يبدأ إلا من خلال محاسبة شاملة على الماضي، بما في ذلك معالجة مصير المفقودين، وضمان المساءلة عن الفظائع، “ومواجهة أهوال الحرب دون أي مساومة”.
وأضافت أن الحوار الشامل بين جميع مكونات المجتمع السوري، والمصالحة الوطنية الحقيقية، ورفع العقوبات، والدعم الدولي المستمر، ستكون ضرورية لأمن سوريا والمنطقة، فضلاً عن استعادة ثقة المستثمرين ووضع الأساس لإعادة إعمار البلاد.
تقليص الاحتياجات والعملية الإنسانية
من جانبها، قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جويس مسويا إن نجاح المرحلة الانتقالية في سوريا سيعتمد على العديد من الإجراءات، ولكن من أهمها خفض مستوى الاحتياجات “في أزمة كانت تُعدّ من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم”، فضلاً عن تقليص حجم العمليات الإنسانية في البلاد.
وقالت إن اللحظة الراهنة منحت سوريا “فرصة لخفض هذه الاحتياجات بشكل نهائي”، ولكن لتحقيق ذلك بوتيرة سريعة وعلى نطاق واسع، هناك 3 متطلبات رئيسة من المجتمع الدولي:
1- دبلوماسية فعالة لنزع فتيل التوترات، وحلّ بؤر الصراع القائمة، ومنع اندلاع اشتباكات جديدة التي تقوض الاستقرار.
2- دعم الاستثمارات في التنمية التي تدعم “الخطوات الملحوظة” التي قطعتها سوريا في إعادة الاندماج مع المجتمع الدولي، وهو أمر بالغ الأهمية لتعافيها وإعادة إعمارها.
3- دعم استدامة وتوسيع تدفق المساعدات الإنسانية على المدى القريب لتلبية الاحتياجات العالية المستمرة.
المساعدات الأممية تصل إلى الملايين
وقالت إن حشد التمويل التنموي الملموس والموجه، وإعادة بناء الثقة في البيئة القانونية والمالية والأمنية في سوريا، سيكون أمراً بالغ الأهمية لخفض الاحتياجات الإنسانية. وفي الوقت نفسه، قالت إن تعزيز التعاون مع السلطات السورية أدى إلى توسيع نطاق الوصول وجعل العمليات الإنسانية أكثر كفاءة.
وأكدت أن الأمم المتحدة تمكنت من الوصول إلى 3.4 مليون شخص شهرياً – بزيادة قدرها 25% عن العام الماضي – على الرغم من انخفاض مستويات التمويل. ومع ذلك، قالت إنه مع بلوغ تمويل النداء الإنساني لعام 2025 نسبة 30% فقط، “هناك ملايين أخرى من الناس لا نستطيع مساعدتهم”.
وتوقعت أن تظل الاحتياجات في سوريا هائلة في العام المقبل، وشددت على أنه “من دون عكس اتجاه انخفاض التمويل، سيتخلف المزيد من الناس عن الركب، وستزداد مهمة التعافي صعوبة”.
وأضافت: “من النادر أن تتاح لأزمة بحجم سوريا مثل هذه الفرصة للتحول. لقد وفر العام الماضي سببا للتفاؤل يدفعنا إلى مضاعفة جهودنا. يجب علينا اغتنام هذه الفرصة”.




