آخرى

الفيدرالية: النموذج العالمي لإدارة التنوع وصناعة الاستقرار

حسن شيخو: رئيس حركة الكردايتي في سوريا

يبرز النظام الفيدرالي كنموذج حيوي تتبناه دول راسخة ومتقدمة عبر القارات الخمس. ليس هذا النظام شذوذاً أو بدعة، بل هو اختيار استراتيجي لدول تدرك أن قوتها تكمن في تحقيق التوازن الدقيق بين وحدة الكيان الوطني والاعتراف بحقوق مكوناته الاجتماعية والثقافية المتنوعة.

على الصعيد العربي، تُعد الإمارات العربية المتحدة نموذجاً ملهماً لدولة اتحادية ناجحة، جمعت بين هوية وطنية موحدة وهوية خاصة لكل إمارة، مما أسهم في بناء تجربة رائدة في الاستقرار والتنمية. وهذا يؤكد أن الفيدرالية ليست فكرة غريبة عن منطقتنا، بل هي قابلة للتطبيق والازدهار في البيئة العربية.

أما على المسرح العالمي، فإن قائمة الدول الفيدرالية تطول لتشمل أبرز القوى الاقتصادية والدول الديمقراطية العريقة. ففي أوروبا، نجد ألمانيا وسويسرا والنمسا وبلجيكا وروسيا الاتحادية، وهي دول تثبت كفاءة هذا النظام في إدارة التعقيدات الداخلية. وفي الأمريكتين، تتربع دول كالولايات المتحدة وكندا والبرازيل والأرجنتين على رأس قائمة الدول الفيدرالية، والتي شكلت نسيجها الوطني عبر هذا الإطار التشاركي.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي قارة آسيا المليئة بالتنوع، تبرز دول مثل الهند وباكستان وماليزيا والعراق، مستخدمة الفيدرالية كإطار للحفاظ على وحدتها الوطنية وإدارة تنوعها الكبير. وفي أفريقيا، تختار دول مثل نيجيريا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا هذا المسار لمواجهة التحديات نفسها. حتى دول أوقيانوسيا، مثل أستراليا، تبني استقرارها على هذا الأساس.

يعد النظام الفيدرالي فلسفة سياسية ناجحة في تحويل التنوع من مصدر محتمل للصراع إلى ركيزة للقوة والثراء الوطني، إنها آلية مثبتة لإدارة التعددية القومية والدينية والثقافية، تسمح بمشاركة أوسع في الحكم مع الحفاظ على سلامة الدولة وسيادتها. في عالم يتجه نحو اللامركزية والحكم الذكي، يبقى هذا النموذج أحد أهم الخيارات العقلانية لبناء مستقبل دائم للدول ذات التركيبة الاجتماعية الغنية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى