ما وراء طلب أردوغان تمديد العمليات العسكرية في كردستان؟

بغداد- محمد الجبوري///روج نيوز
في خطوة تؤكد نوايا تركيا تجاه العراق وإقليم كردستان، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليطلب من البرلمان مرة أخرى توسيع نطاق العمليات العسكرية داخل إقليم وغرب كردستان، رغم مبادرات السلام التي أطلقها حزب العمال الكردستاني استجابةً لنداء القائد عبد الله أوجلان، والداعية إلى الانتقال من الكفاح المسلح إلى خيار الديمقراطية والعيش المشترك في ما فسّر مراقبون عراقيون هذا القرار بأنه “رسالة واضحة ومستفزة في الوقت ذاته للحكومة العراقية”، التي تعيش حالياً فترة انشغال بالانتخابات المقرّر إجراؤها في 11 تشرين الثاني المقبل.
إيعاز بتمديد العمليات العسكرية!
وفي المذكرة التي نشرتها وسائل إعلام تركية والتي وُجهت أول أمس إلى البرلمان التركي بطلب من الرئيس التركي، تتضمن الدعوة إلى تمديد عمليات الجيش الخارجية في اقليم وغرب كردستان حتى عام 2028، إلى جانب الإشارة إلى إرسال قوات عسكرية إضافية إلى المنطقتين.
ويزعم أردوغان بحسب المذكرة إن “التهديدات التي تستهدف الأمن القومي التركي على الحدود لا تزال قائمة”، وأن “حالة الاستقرار الدائم لم تتحقق بعد وعلى أثر ذلك قام بتمديد العمليات العسكرية التوسعية لمدة ثلاث سنوات أخرى أي حتى عام 2028.
ويأخذ طلب أردوغان- بحسب مراقبين- التي جاء في ظل أجواء مبادرة حسن النية من قبل حزب العمال الكردستاني، طابعاً لا يمكن وصفه بالتصعيد بقدر ما هو استفزاز للطرف الآخر، إذ إن خطوة الحزب بإحراق سلاحه ورفع راية السلام وضعت أردوغان في موقف حرج أمام الرأي العام داخل تركيا، بعدما فقد الأوراق التي كان يستخدمها ضد الكرد، وباتت لا تنقذه من حالة الإفلاس السياسي التي يعيشها حالياً.
كما يرى المراقبون أن “تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان لا ترغب بمثل هذه المبادرات، لأنها تضعها في موقف حرج أمام الجانب العراقي وأمام دول العالم التي رحبت بخطوة حرق السلاح التي نفذها حزب العمال الكردستاني مطلع تموز/يوليو الماضي من عام 2025”.
إفلاس أردوغان
ويقول المحلل والأستاذ الدكتور سعدون الساعدي في تصريح لـ”روج نيوز” إن السياسة التركية تجاه العراق واضحة الأهداف، إذ تسعى إلى احتلال إقليم كردستان بالكامل والسيطرة على ثرواته، والبحث عن موطئ قدم دائم لها داخل الأراضي العراقية”، مشيراً إلى أن “طلب أردوغان اليوم تمديد العمليات العسكرية في شمال العراق لا يفسر إلا كدليل على حالة الإفلاس السياسي التي يعيشها، نتيجة ما وضعته مبادرات حزب العمال الكردستاني أمام الشارع التركي من إحراجٍ كبير للنظام الحاكم”، أضاف الساعدي أن “تسوية القضية الكردية ستعني خسارة أردوغان سياسياً وشعبياً”.
ويتابع قائلاً إن “طلب تمديد العمليات العسكرية خطوة استفزازية تهدف إلى إفشال مبادرة السلام، ومحاولة لإظهار الصورة التي يسعى أردوغان لتسويقها للعالم بأن “التهديدات ما تزال قائمة”، بينما الواقع مختلف تماماً، إذ إن ما يخطط له في “غرف أنقرة المظلمة” لا يتعلق بما يعلن في الإعلام، بل يرتبط بـ “مشروع أوسع يتمثل في الحلم بإحياء الإمبراطورية العثمانية.”
ويختتم الساعدي مطالباً “الجهات الحكومية العراقية والمختصة بملف السيادة بضرورة التحرك الفوري لوضع حدٍ للهجمات التركية والتصدي لتواجد القواعد العسكرية التي تجاوز عددها الخمسين قاعدة مزوّدة بالجنود والمعدات، وأبرزها قاعدة زليكان التي تعدّ معقلاً للغموض العسكري ومركزاً للتخطيط لسيناريوهاتٍ خطيرة قرب مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى”.
مؤشر خطير
ويعتبر العديد من المختصين في الشأنين السياسي والأمني، بينهم المحلل هاشم الكندي، أن العمليات العسكرية التي تقوم بها تركيا، فضلاً عن الهجمات الجوية في إقليم كردستان، تعد دليلاً على نيتها مواصلة احتلال الإقليم وتنفيذ سيناريو أكبر مما هو متوقع بالتعاون مع جهات سياسية كردية أو عربية، وهو ما وصفه بـ”الأمر المؤسف”.
وأضاف الكندي في حديثه لـ”روج نيوز” أن مبادرة السلام الكردية أحرجت أردوغان كثيراً، ما دفعه إلى فرضية لإفشالها”.
كما عدّ الكندي “مطالبات أردوغان بتمديد العمليات العسكرية لمدة ثلاث سنوات قادمة مؤشراً خطيراً ستكون له تداعيات واسعة على العراق في ظل الأوضاع المتوترة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ورسالة استفزاز للحكومة العراقية”، مشيراً إلى أن “تلك المطالبات تحمل في طياتها أبعاداً تتناغم مع ما تخطط له إسرائيل في المنطقة”.
وفي أحدث التطورات الميدانية، كشفت منظمة CPT الأميركية في تقريرٍ حديث أن الجيش التركي يواصل توسيع وجوده العسكري في إقليم كردستان، من خلال بناء قواعد جديدة على جبل متينا وشقّ طرق عسكرية تربط بين مواقعه في منطقتي زاب وآفاشين ضمن حدود ناحية آميدية، مشيرةً إلى أن تلك الأعمال ترافقها عمليات تجريفٍ للغابات وقطعٍ للأشجار في منطقة زاب، ليتم نقل الأخشاب لاحقاً إلى داخل الأراضي التركية.
وأوضحت المنظمة في تقريرها أن الجيش التركي لم يكتفِ بشقّ الطرق بين قواعده العسكرية داخل أراضي الإقليم، بل مدّ بعضها لتصل إلى عمق القرى المأهولة بالسكان، ما يثير مخاوف من توسّعٍ ميداني متدرّج يهدد سيادة العراق واستقرار مناطقه الحدودية.