تقارير

ماذا حـ.ـدث في حيّـ.ـي الشيخ مقصود والأشرفية خلال أربعـ.ـة أيام.. تفاصـ.ـيل لم تـ.ـروَ بعد!

عادت الحركة إلى حيّي الشيخ مقصود والأشرفية بعد توتر دام أربعة أيام، إثر هجوم شنته فصائل تابعة للحكومة السورية والدولة التركية، وأحبطته قوى الأمن الداخلي في الحيين، دارت خلالها اشتباكات عنيفة على أطراف الحي استغرقت نحو أربع ساعات، تكبد فيها المهاجمون خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، اضطروا معها إلى الفرار والقبول بوقف إطلاق النار.

إغلاق كافة المعابر والطرق بين الحيين مع مركز المدينة؛ دفع الأهالي إلى الخروج بتظاهرة، مطالبين بفك الحصار، ورفع جميع السواتر على الطرق الرئيسية، حيث تجمع عشرات الآلاف أمام حاجز الجزيرة، وألقوا كلمات عديدة طالبوا برفع الحصار، والسماح بالحركة ما بين الحيين ومركز المدينة. هذا في حين كانت تنتشر تحشدات عديدة لقوى الأمن العام وقوات وزارة الدفاع السورية على طول محيط الحيين، ونصبت أسلحة ثقيلة استعداداً لشن هجوم الحيين، وكانت تتحضر لهذا الهجوم من أكثر من أسبوعين، عندما رفعت أول ساتر لها عند دوار الليرمون وقطعت الطريق إلى حي الأشرفية والشيخ مقصود، في تأكيد أن خطة الهجوم تم وضعها حينها.

تعاملت قوى الأمن العام التابعة لحكومة دمشق بمنتهى القسوة مع المتظاهرين السلميين، وعمدت إلى استخدام الغاز المسيّل للدموع ضد المتظاهرين، ما أدى إلى حدوث حالات اختناق عديدة تم نقلهم إلى المشافي، وهو ما صعَّد الموقف، ليبدأ المتظاهرون بالردّ عليها عبر رشق عناصر الأمن بالحجارة والتقدم لإزالة الساتر، وردت عليهم الأخيرة بإطلاق النار المباشر ما أدى إلى استشهاد أحد المتظاهرين، وإصابة العشرات بجروح، لتعمد قوات الأمن الداخلي بالرد وحماية المتظاهرين، ولتتوسّع بعدها الاشتباكات على طول محيط الحيين.

التخطيط المسبق للهجوم، والنية المبيّتة لاقتحام الحي لارتكاب المجازر بحق الأهالي على غرار ما حصل في السويداء والساحل السوري، كانت واضحة من خلال الضخّ الإعلامي ضد الكرد وقوات سوريا الديمقراطية وكل الموجودين في الحيين، رغم أنه لا وجود لـ(قسد) في الحيين، حيث تابعت قوى الأمن العام بنفسها خروج تلك القوات في شهر مايو/ أيار الماضي عقب الاتفاق الذي وُقِّع بين المجلس العام في الحيين ومحافظة حلب في الأول من إبريل/ نيسان، والمتضمن /14/ بنداً، من بينها خروج القوات العسكرية.

عمدت القوات التابعة لحكومة دمشق إلى استهداف الحيين من مناطق بعيدة عبر القصف المدفعي وراجمات الصواريخ، حيث أكد شهود عيان من قرية “كورزيله/ قرزيحل”، جنوب مدينة عفرين المحتلة، أنهم سمعوا دويّ إطلاق قذائف المدفعية الثقيلة “الأوبيس”، وراجمات الصواريخ من بلدة “دارة العزة” باعتبارها قريبة من قريتهم. بالمقابل أكد أهالي في حي “سيف الدولة” بمدينة حلب، أن بعض تلك القذائف والصواريخ سقطت في حيهم، حيث قتل حارس حديقة بإحدى تلك القذائف، وليعمد مرتزقة الاحتلال التركي إلى اتهام قوى الأمن الداخلي إلى استهداف تلك الأحياء.

انكشفت الحقيقة وتيقَّن الأهالي أن القذائف التي سقطت على منازلهم وأحيائهم كان مصدرها المرتزقة أنفسهم، فشرعوا بالضغط على المرتزقة المهاجمين ومطالبتهم بوقف الهجمات على حيي الشيخ مقصود، خاصة بعد أن بدأت حركة نزوح للأهالي من منازلهم في عدة أحياء، مثل “الميدان، السريان الجديدة والقديمة، محطة بغداد، الفيض” وغيرها من أحياء حلب المكتظة بالسكان. هذا العامل كان أساسياً في فرض وقف إطلاق النار لاحقاً، إلى جانب الضغط الدولي والعربي على حكومة “الشرع” في وقف الهجوم على الحيين. إلا أن العامل الأساسي والأهم الذي دعاهم لقبول وقف إطلاق النار؛ هو مقاومة أهالي الحيين وقوى الأمن الداخلي التي أحبطت الهجوم، وتصدت له بكل شجاعة، حيث أكد بعض الأهالي في حي السريان الجديدة القريب من حي الأشرفية فرار المرتزقة من المواجهات مع قوى الأمن الداخلي، بعدما تلقوا ضربات قوية وقتل وجرح عدد كبير منهم.توقف القتال بعد الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم السابع من الشهر الجاري، وساد الهدوء الحذر الحيين وجميع الجبهات.

توجه وفد الإدارة الذاتية المؤلف من القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي” وعضوة القيادة العامة روهلات عفرين” والرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية “إلهام أحمد” إلى دمشق لإجراء مفاوضات حول تنفيذ اتفاقية 10 مارس/ آذار، خلق مزيداً الارتياح والثقة لدى الأهالي في الحيين، حيث عقد الجنرال “عبدي” اجتماعاً مغلقاً مع الرئيس المؤقت “أحمد الشرع”، وكذلك عُقِدَ اجتماع موسع بين الوفد، وكل من وزير الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات، وبحضور كل من مبعوث الرئيس الأمريكي إلى سوريا “توماس باراك” وقائد القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى الأدميرال “تشارلز برادلي كوبر”، تم خلاله مناقشة أربعة نقاط أساسية، أهمها الإعلان عن وقف إطلاق نار فوري وشامل في مناطق شمال وشرق سوريا وحلب، إضافة إلى كيفية اندماج قوات سوريا الديمقراطية إلى الجيش السوري، وماهية هذا الجيش، وضرورة أن يمثل كل السوريين وتشترك فيه كل القوى، وكذلك تم النقاش حول مشاركة الحكومة السورية في جهود محاربة الإرهاب، فضلاً عن مناقشة ضرورة العمل على وضع دستور جديد للبلاد يمثل كل السوريين.

إثر الاجتماع؛ صدر بيان من وزير الدفاع “مرهف أبو قصرة” أعلن فيه عن وقف شامل لإطلاق النار في شمال وشرق سوريا وحلب، فيما أكدت وزارة الداخلية على سعيها لإزالة جميع السواتر المحيطة بحيي الشيخ مقصود والأشرفية، أعقبه تصريح من محافظ حلب “عزام غريب” أن الحركة ستعود طبيعية بين الحيين والمدينة، وستعمد قوى الأمن العام إلى فتح جميع الطرق مع الحيين.

إلا أن فصائل المرتزقة المؤتمِرة من قبل الاحتلال التركي، لم تلتزم بأوامر وتعليمات وزارة الدفاع والداخلية السورية، ورفضت فتح المعابر والطرقات، بل عمدت إلى تحشيد قواتها، في مسعى لشن هجوم آخر على الحيين، ومنعت دخول وخروج الأهالي من الحيين، واعتقلت بعض الشباب على الطرقات، ما زاد من حالة الاحتقان لدى أهالي الحيين، ووصلت إلى ذروتها مساء الأربعاء، 08 أكتوبر/ تشرين الأول، وعاد التوتر ليكون سيد المشهد.

في هذه الأثناء، عملت الرئاسة المشتركة للمجلس العام في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية على طمأنة الأهالي بأن هناك تواصل مع قيادة حلب حول نزع فتيل الأزمة، وتجري مشاورات مكثفة من أجل إبعاد المرتزقة عن محيط الحيين، وإعادة فتح الطرق والمعابر. وبحلول الساعة الثانية من صباح الخميس، وصلت الأمور إلى مرحلة مسدودة، وانقطع التواصل بين الطرفين، ليعود مجدداً بعد الساعة الرابعة صباحاً وتتكلل الجهود بالاتفاق على فتح كافة المعابر والطرق، وإزالة كل السواتر حول الحيين، وعودة الحواجز المشتركة بين قوى الأمن الداخلي والأمن العام للعمل في نقاطها السابقة.بحلول الساعة الثامنة؛ تم تفعيل الحواجز المشتركة، وسمح المرتزقة المتجمّعين عند السواتر قبل الحواجز المشتركة بمرور الأشخاص، دون السماح للآليات، وعدم رفعها للسواتر، وعمدوا إلى تفتيش المارة والتدقيق في هواتفهم المحمولة، وعدم سماحهم بإدخال المواد الغذائية والأدوية إلى الحيين، والتي وصلت إلى النفاد بعد أربعة أيام من الحصار الجائر. اضطر أصحاب المحال التجارية إلى إدخال المواد الغذائية بحملها على أكتافهم، في مسعى لتأمين حاجات أهالي الحيين.

استمرت الحال على هذا المنوال حتى ساعات العصر، لتبدأ عملية إزالة السواتر الترابية من حاجزي “العوارض” في الشيخ مقصود، و”السريان” في الأشرفية، وتعود السيارات بالدخول والخروج. إلا أن المرتزقة عمدوا إلى نصب دوريات جوّالة على الطريق وتفتيش هواتف المدنيين، خاصة في شارع “الزهور” بحي “سريان الجديدة” واعتقلوا بعض الشبان واقتادوهم إلى جهات مجهولة.

يشعر المرتزقة أنهم تعرضوا لهزيمة نكراء في هجومهم على الحيين، وكانوا قد وضعوا في تصوّرهم أنهم سيقتحمون الحيين خلال ساعة واحدة، ليعيدوا إليهما سيناريو الساحل السوري والسويداء، ويعمدوا إلى ارتكاب المجازر والسرقة والنهب. إلا أن حلمهم تلاشى أمام مقاومة أهالي الحيين وقوى الأمن الداخلي، ولهذا يحاولون الانتقام لخسائرهم، عبر اتباع أساليب دنيئة، رغم أنها لن تجديهم نفعاً لا الآن ولا غداً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى