مقالات رأي

أي “قرار وطني مستقل” وأنتم في حضن الاستخبارات التركية؟!


ما تسمى ب”قوى المعارضة السورية”، وفي ظل غياب وتهميش دولي، أنهت اجتماعاتها قبل أيام في الدوحة وخرجت ببعض التوصيات، منها؛ “إعادة هيكلة مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، والارتقاء بأدائها فيما يُمكنها من تحقيق مطالب الشعب السوري المحقة والمشروعة وتمثيلها بكفاءة واحتراف، ويضمن استقلالية قرارها الوطني..”. إننا لا نريد تكذيبهم بخصوص ما أدعوا في بيانهم، رغم أن سنوات الصراع في سوريا وإرتمائهم في الحضن التركي الإخواني القطري تؤكد على عدم استقلالية القرار لديهم، لكن ورغم كل ذلك نود أن نطرح عليهم سؤالاً محدداً ليجيبوا عليه وندرك بالتالي مدى “استقلالية القرار الوطني” لتلك القوى والأحزاب والشخصيات التي تدعي معارضة النظام السوري، والسؤال هو التالي: لما يتم بشكل مستمر استبعاد الإدارة الذاتية من الحضور والمشاركة، هل هو بسبب مشروعهم السياسي فيما يسمى بأخوة الشعوب والأمة الديمقراطية، أم بسبب أن المشروع يهدف إلى تقسيم سوريا وتشكيل كيان سياسي كردي آخر على غرار إقليم كردستان، أم أن تركيا ترفض حضور الإدارة بحكم صراعها مع العمال الكردستاني وتعتبر الإدارة جزء منهم أو على الأقل أمتداد للفكر الأوجلاني.

بقناعتي لن يكون جوابهم في رفض الشراكة مع الإدارة الذاتية بسبب تبنيها لمفهوم أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية -رغم طوباوية الطرح نفسه- حيث الجميع، بمن فيهم النظام والمعارضة، يحاولون العزف على وتر الديمقراطية والأخوة بين مكونات البلد وبأن يجب أن تكون سوريا لكل مواطنيها وبالتالي فإن التحجج في رفض الإدارة أو عدم مشاركتها بسبب طرحها السياسي السابق غير وارد، بل سنجد بأن الجزء الأكبر من القوى والشخصيات المنضوية ضمن ما يسمى ب”قوى الإئتلاف للمعارضة” ستقول؛ بأن هناك “مشروع انفصالي” ولذلك نرفض الإدارة الذاتية، كونها تريد “تقسيم سوريا” بحسب مزاعمهم، رغم أن هذه الأخيرة -أي الإدارة- تحاول في كل مناسبة، ودون مناسبات أيضاً، التأكيد على وحدة سوريا، وبأن ليس لديها أي نية لتشكيل كيانات قومية وهذا ما يجعلها تتعرض لانتقادات جزء أساسي من تكوين الإئتلاف نفسه -ونقصد الطرف الكردي المتمثل بالمجلس الوطني الكردي- بأن الإدارة الذاتية “لا تعمل لأجل القضية الكردية” وهو تناقض فاضح في مواقف قوى الإئتلاف والمعارضة حيث طرف يرفض مشاركة الإدارة بحجة إنه يعمل على إنشاء كيان كردي منفصل، بينما شركائهم الكرد يقولون العكس، بل ويتهمون الإدارة أحياناً ب”عدائها” للقضية الكردية.

وهكذا لم يبقى إلا السبب الأخير؛ ألا وهو “رفض تركيا حضور الإدارة الذاتية بحكم صراعها مع العمال الكردستاني والتي تعتبر -أي تركيا- الإدارة جزء منهم أو على الأقل أمتداد للفكر الأوجلاني”. إننا لن نناقش قضية العلاقة بين الكردستاني والإدارة الذاتية هنا حيث هو بحث ومجال آخر ولكن سؤالنا هنا؛ ما مصلحة المعارضة السورية في تغييب قوة سياسية وعسكرية واقتصادية ومجتمعية هامة، بل تعتبر ثان أكبر قوة سورية -بعد النظام وحتى أكبر وأقوى من المعارضة نفسها- عن الحضور والمشاركة معاً لتشكيل جسد معارض حقيقي للنظام السوري، إن لم تكن خاضعة -أي تلك المعارضة- لأجندات ومصالح الدولة التركية في ظل نظام حكم مستبد ديكتاتوري قراقوشي يقوده أردوغان مع فريقه السياسي الإخواني المتمثل بحزب العدالة والتنمية وذلك بعد إنقلابه على النظام البرلماني والهامش الديمقراطي الذي أوصله لسدة الحكم في تركيا! ربما البعض يقول؛ بأن علاقة الكردستاني مع النظام السوري من جهة وعلاقة الإدارة الذاتية مع الكردستاني يجعل الكثيرين يرفضون مشاركة الإدارة حيث يجدونه متخندقاً مع النظام ولكن وبقناعتي هذه حجة فاسدة ولسببين؛ أولاً الإدارة الذاتية حاولت وتحاول قدر الإمكان إيجاد قنوات التواصل مع المعارضة، أكثر من بحثها عن قنوات مشابهة مع النظام نفسه. والسبب الآخر؛ أن المعارضة نفسها تحاول إيجاد قنوات للتفاهم وإيجاد حلول سياسية مع النظام السوري.

إذاً ليس هناك من سبب حقيقي يجعل “المعارضة السورية” ترفض الإدارة الذاتية وقواها السياسية في المشاركة والحضور غير تبعيتها لتركيا وأجنداتها ومصالحها في ظل نظام أردوغان الرئاسي الفاشي وأعتقد ومن دون خروج تلك القوى من تحت العباءة التركية الأردوغانية فلا أمل ولا استقلال لقرار وطني كما تدعيها، طبعاً أنا من جهتي ومنذ سنوات فاقد الأمل بهؤلاء وزعاماتهم وقياداتهم وأحزابهم وتكويناتهم السياسية المجتمعية والمقال فقط جاء لفضح كذبتهم بخصوص “القرار الوطني المستقل”.. قال “قرار وطني مستقل” قال وثمن تذكرة الطائرة والفندق والمطعم تأتيهم من دائرة الحرب الخاصة في جهاز الاستخبارات التركية، يا هبوش؛ من يأكل من مائدة السلطان واستخباراته سيضرب بسيفه ويتبنى مصالحه وأيديولوجيته الفاشية وقرارته السياسية الإخوانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى