مقالات رأي

لا خيار غير وضع الدستور..


فاروق حجّي مصطفى
واجهنا خلال قيامنا بنشاطاتٍ في إطار المشاورات العامة حول العملية الدستوريّة والمحتوى الدستوري، عدداً من الخُطب ، هي شائعةٌ في طبيعة الحال، من مقام بإنّ اللجنة الدستوريّة في طريقها إلى الفشل، وإنّ المجتمع الدولي لم يعد يهتم بالعملية، وإنّ النظام بدأ يتنفس الصعداء خاصةً بعد استعادة العلاقة مع الإمارات العربية المتحدة، وإنّ كذا وكذا…
بدايّة لا بد من القول، إنّه لا يمكن توصيف أيٍ من العمليات الدستوريّة بالفشل، وحسب تجارب المقارنة لم تُعلن عبر تاريخ الدساتير الحديثة أي فشل، قد تمر الدساتير في المنعطفات أو الإنتكاسات، أو البطء، إنّما نهاية العمليات الدستوريّة الحديثة لا تكون الفشل، إنّما النجاح مهما يكن النوع والآليات والمقاربات أو الموقف منها، وهناك عمليات جارية لعقود وذلك لأن:
-العملية الدستوريّة لدول في مرحلة النزاع أو خرجت للتو، لا تقتصر وظيفتها في صياغة الدستور بعشرات المبادئ، إنّما على نحوٍ أوسع بدءاً بالمفاوضات وانتهاءاً بوضع دستور ومرورًا بصياغة السلام المستدام؛
-انّ العمليّة الدستوريّة السوريّة انطلقت تنفيذاً لقرار ٢٢٥٤، وانّ الانتقال الديمقراطي يتوّج من خلال الوصول إلى الدستور الجديد.
-وحتى لو وصلنا إلى دستورٍ جديدٍ، فإنّ العملية لا تنتهي مع انتهاء صياغة المسودة أو حتى التصديق بقدر ما إنّ العملية أمام مسؤولية تطبيع الأوضاع وصياغة وضعٍ مستقرّ أي تنفيذ بنود الأحكام الدستوريّة الإنتقاليّة، وربما تكون هذه الأحكام على شكل “ملحق للدستور الجديد”.
وبين كل هذه الأمور تلعب العمليات الدستورية أدواراً غير مباشرة مثل:
-دفع الأطراف المنخرطة برفع سويّة مقاربتها لمسألة الشراكة، والمشاركة، وتطوير الآداء النقاشي، وفهم الدولة ومؤسسات الحكم، والتمييز بين ما هو خاص وما هو عام.
-وفضلاً عن لعب دور نشر القيّم وبلورة ما أنتجه العقل العالمي لمفاهيم ولوازم إدارة شكل العلاقة بين المجتمعات والحكومات وبين المجتمعات نفسها.
ولا نستغرب إنّ سبب دخول العملية إلى مرحلة البطئ يعود إلى الأطراف المنخرطة في العملية نفسها، وعادةً الحكومات أو الأطراف تشعر بإنها منتصرة في النزاع تهرب من مسؤولياتها تجاه التحول الديمقراطي أي تجاه موجبات وضع دستورٍ جديدٍ.
والحال، في وضع سوريا لا يوجد منتصرين، واستعادة العلاقة بين الحكومة السوريّة والدول أو حتى كل العرب، لا تعني نهاية المشكلة، فمشكلة اللاجئين والنازحين وقضايا الملكية والعدالة ..الخ، هي ليست مشكلات بحجم وجود فصائل عسكريّة تقاتل النظام ،انّما من كبائر المشاكل وبسبب جزء مما عرضناه لا تسقط الحكومات فحسب إنّما تنهار الدول!
فلا بديل عن صياغة الدستور غير وضع دستور جديد..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى