رئـ.ـيس أسـ.ـاقفة سوري: الوجود المسـ.ـيحي يمـ.ـوت والبلاد تتـ.ـجه نحو نموذج أفـ.ـغانستان

خلال فعالية أقيمت في العاصمة الإيطالية روما، لمناقشة تقرير الحرية الدينية في العالم لعام 2025، نظمتها المؤسسة البابوية “عون الكنيسة المحتاجة” (ACN)، حذّر رئيس أساقفة السريان الكاثوليك في حمص وحماة والنبك، جاك مراد، من أن الوجود المسيحي في سوريا “يموت ببطء”، معدّاً أن زواله سيكون “خسارة كبيرة للبلاد”.
وقال مراد في كلمته إن الكنيسة في سوريا تعيش “وضعاً لا يُحتمل ولا يمكن أن يستمر”، في ظل استمرار هجرة آلاف المسيحيين بحثاً عن ظروف معيشية أفضل.
أظهرت تقديرات المؤسسة المنظمة أن عدد المسيحيين في سوريا تراجع من نحو 2.1 مليون شخص عام 2011 إلى قرابة 540 ألفاً فقط في عام 2024.
وأرجع مراد هذا الانحدار إلى فشل الجهود المحلية والدولية في كبح موجة الهجرة، وأكد أن “الأسباب لا تتعلق بالكنيسة، بل بالوضع السياسي والاقتصادي الكارثي”.
وأضاف أن وقف هذا “النزف السكاني” يتطلب “نموذجاً سياسياً واضحاً للحكم ونظاماً أمنياً يعيد الثقة للناس”، وحذر من أن البلاد “تسير نحو نسخة من أفغانستان”، قائلاً: “لم نصل بعد إلى مستوى العنف هناك، لكننا لسنا بعيدين عنه”.
وأكد مراد أن السوريين “لا يعيشون حرية دينية ولا سياسية”، وأنهم يعانون من “العنف والانتقام وأحداث مأساوية تقوض كل الجهود الهادفة إلى إنهاء حمام الدم”.
ودعا “أصحاب النوايا الحسنة إلى اتخاذ خطوات عملية لإنهاء العنف وتحقيق العدالة”، وعدّ أن “غياب العدالة هو نتيجة ستين عاماً من القطيعة بين الدولة والشعب”.
وأضاف: “الناس فقدوا الثقة بالحكومة المحلية وبالمجتمع الدولي، نحن نثق بالله فقط”.
وفي سياق آخر، أعرب مراد عن قلقه من احتمال توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل تتضمن التنازل عن مرتفعات الجولان، وحذر من أن ذلك “سيحرم سكان دمشق من مصادر المياه ويجعلهم مرتهنين”، وتساءل عن مصير “قيم حقوق الإنسان التي تضمن عدالة القرارات للطرفين”.
ودعا القوى الدولية إلى تبنّي موقف واضح وحازم من الأحداث في سوريا، وإلى تعاون المنظمات المحلية والدولية مع الهيئات التعليمية والثقافية في مواجهة “ثقافة الخوف” عبر برامج تدريبية تعزز الوعي القانوني واستقلالية القضاء.
وأوضح مراد أن كنيسة حلب تنظم “منتديات لتأهيل المواطنين للقيام بأدوار سياسية عندما تسمح الظروف”، للمساهمة في الانتقال من “نظام استبدادي أحادي إلى نظام ديمقراطي”.
وأكد أن الكنيسة “تتمسك بحقها في أداء هذا الدور في بلد غني بتاريخه وحضارته”، لكنه أقرّ بأن الكاثوليك اليوم “يشعرون بأنهم غرباء في وطنهم، وهو شعور لا يُحتمل”.
يُذكر أن المطران جاك مراد كان قد اختُطف عام 2015 على يد مرتزقة داعش أثناء خدمته في مدينة القريتين بريف حمص، وقضى عدة أشهر في الأسر قبل أن يتمكن من الهرب بمساعدة مسلمين من المنطقة.




