ماذا يعني وجود قواعـ.ـد عسـ.ـكرية إسرائيلية في جبل الشيخ؟
يشكل جبل الشيخ، الواقع على الحدود بين هضبة الجولان السورية وإسرائيل، موقعًا استراتيجيًا ذا أهمية بالغة في الحسابات العسكرية والسياسية في الشرق الأوسط. فالتواجد الإسرائيلي ليس مجرد قاعدة عسكرية، بل جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى توسيع مجال المراقبة، الضغط على الفاعلين الإقليميين، وتحقيق تفوق استخباراتي على دمشق وحلفائها.
وجود قواعد إسرائيلية في جبل الشيخ يمنح تل أبيب قدرة على مراقبة دقيقة لحركة القوات السورية وحزب الله والجماعات المسلحة الأخرى في القلمون ودمشق. هذا التوسع يعكس رغبة إسرائيلية في الانتقال من مراقبة الجولان إلى السيطرة على عمق الأراضي السورية، ما يوفر لها تحكمًا شبه لحظي في تحركات الخصوم المحتملين.
يرى محللون أن الوجود العسكري الإسرائيلي في جبل الشيخ لا يقتصر على جمع المعلومات، بل يمتد ليشمل الضغط المباشر على حزب الله والجماعات المسلحة مثل جبهة النصرة. كما يحد هذا التواجد من أي تقدم محتمل للقوات التركية في مناطق شمال وشرق سوريا، ليصبح الموقع أداة ضغط استراتيجية على اللاعبين الإقليميين.
جبل الشيخ وسلسلة جبال القلمون يمثلان أحد أهم المفاتيح الجيوسياسية في الشرق الأوسط. السيطرة على هذه المواقع تمنح إسرائيل تفوقًا استخباراتيًا وعسكريًا، وتمكنها من التخطيط المبكر لأي مواجهة محتملة، سواء مع دمشق أو مع أي فاعل إقليمي آخر. كما يعزز هذا التواجد قدرة إسرائيل على التدخل السريع في أي تحرك عسكري، ما يجعلها صاحبة اليد الطولى في النزاعات المحتملة.
وقد صرح نتنياهو منذ أيام أن إسرائيل ستبقى في جبل الشيخ، في رسالة واضحة لتركيا التي تحاول الهيمنة على المشهد السوري سياسيًا وعسكريًا واستراتيجيًا. بهذا المعنى، يعني التواجد الإسرائيلي أن سوريا فقدت أهم نقاطها الاستراتيجية، وأصبحت ساحة للصراع بين إسرائيل وتركيا، وهو صراع قد ينـدلع في أي لحظة على حساب الشعب السوري.
إن وجود إسرائيل في جبل الشيخ هو استراتيجية متعددة الأبعاد تجمع بين المراقبة، الضغط العسكري، والسيطرة الاستخباراتية على عمق الأراضي السورية. ويشكل هذا التواجد تهديدًا مستمرًا لموازين القوى في المنطقة، ويؤكد على أهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي لجبل الشيخ في حسابات الأمن الإقليمي.
