أخبار

“الأمـ.ـانة العـ.ـامة للشؤون السـ.ـياسية” في سوريا.. بعـ.ـثٌ جديد

حلّت “الأمانة العامة للشؤون السياسية” التابعة للحكومة الانتقالية في سوريا محل حزب “البعث العربي الاشتراكي”، من حيث الفكر والمكان، إذ رُفعت مؤخراً اللوحات التعريفية الجديدة على مبنى القيادة المركزية للحزب في دمشق، في محاولة لمحاكاة تجربة البعث سيئة الذكر في إحكام السيطرة على المجال السياسي وتوجيهه بما يخدم مصالح السلطة الجديدة.

وقد تضمنت اللافتة، عبارة “الأمانة العامة للشؤون السياسية”، مرفقة بشعار “الأمانة” الذي كان يُستخدم سابقا عندما كانت مجرد “إدارة” في عهد “حكومة الإنقاذ”، ما يشير إلى أنها امتداد لتلك.

في 27 آذار 2025، استحدثت وزارة خارجية الحكومة الانتقالية في سوريا “الأمانة العامة للشؤون السياسية” بموجب قرار صادر عن الوزير، بهدف ما أسماه القرار “تعزيز العمل السياسي”.

وتتبع هذه الجهة، منذ الإعلان عنها رسمياً عام 2024، لوزير الخارجية والمغتربين في الحكومة الانتقالية، أسعد الشيباني، الذي كان يشغل المنصب ذاته في حكومة الإنقاذ التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، متخفياً حينها باسم زيد العطار (أبو عائشة)، قبل أن يظهر اليوم باسمه الحقيقي كوزير خارجية للحكومة الانتقالية.

وتُعد هذه الخطوة مخالفة صريحة للدستور، إذ إن تنظيم النشاط السياسي الداخلي من اختصاص وزارة الداخلية، وليس من مهام وزارة الخارجية.

ولهذه “الأمانة” ممثلين في غالبية المناطق السورية الخاضعة لسيطرة الحكومة الانتقالية: دمشق وريفها؛ وحلب، واللاذقية وطرطوس، وحمص، وحماة، ودرعا (مع القنيطرة والسويداء)، ودير الزور، وإدلب.

وقد بدأت “الأمانة” بالتدخل في شؤون المنظمات الشعبية، حيث قامت بحل المجلس المركزي لنقابة المحامين، وعيّنت مجلساً مؤقتاً، في قرارات أثارت شكوكاً قانونية حول مدى صلاحيتها، كما فصلت أكثر من 28 كادراً صحياً من المشفى العمالي في حمص، عبر فرعه في المدينة.

وتتصرف “الأمانة العامة للشؤون السياسية” بحسب الشعب السوري بعقلية “البعث القائد للدولة والمجتمع”، وفق منطق الواقع السياسي السائد، ما يعكس محاولة لإعادة إنتاج نموذج الحزب الواحد تحت مسمى جديد.

ويرى حقوقي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن إسناد مهمة تنظيم النشاط السياسي الداخلي إلى وزارة الخارجية يُعد تجاوزاً خطيراً للصلاحيات الدستورية، إذ إن الوزارة معنية حصرياً بالشؤون الدبلوماسية والعلاقات الدولية، ولا تملك أي صلاحيات تشريعية أو تنظيمية في الحياة السياسية الداخلية، وتستغل إلغاء الدستور السابق.

ويؤكد أن هذا التداخل يُقوّض مبدأ الفصل بين السلطات، ويمنح جهة تنفيذية صلاحيات غير مفوضة قانونياً، ما يفتح الباب أمام تغوّل السلطة التنفيذية على المجال السياسي العام.

كما عدَّ الحقوقي أن القرار الصادر عن وزير الخارجية بإنشاء “الأمانة العامة للشؤون السياسية” يفتقر لأي أساس قانوني أو تشريعي، إذ لا يملك الوزير صلاحية إنشاء كيانات سياسية جديدة دون صدور قانون من مجلس الشعب.

وما ورد في القرار بشأن “إعادة توظيف أصول حزب البعث” يثير شبهات قانونية جدية، إذ لا توجد إجراءات قضائية معلنة أو نصوص تشريعية تتيح للوزارة التصرف بأموال وممتلكات حزبية.

ويرى سياسيون سوريون، في هذا الغموض حول مصادر التمويل وآليات الإنفاق خرقاً واضحاً لمبدأ الشفافية المالية، ويخالف المعايير الدولية لمكافحة الفساد، ما يجعل شرعية “الأمانة” موضع شك قانوني وسياسي عميق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى