دلالات دعوة الشرع لـ لقاء المجلس الوطني الكردي خارج إطار الوفد الكردي المشترك؟

مرة أخرى تعود مسألة محاولة شق الصف الكردي في روجآفاي كردستان إلى الواجهة، بعد إعلان المجلس الوطني الكردي يوم الخميس الماضي، وعلى لسان “سليمان أوسو”، القيادي في المجلس وعضو الوفد الكردي المشترك، عن تلقي المجلس دعوة زيارة من الرئيس السوري المؤقت “أحمد الشرع”.
ففي حين أكد “أوسو” إن لقاءهم من “الشرع”، “لن يكون تفاوضياً”، علقت الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي “بروين يوسف” على الدعوة واعتبرت أن دعوة المجلس بشكل مفرد تعد “محاولة لتقسيم الكرد”، مردفة بالقول “تفاجأنا بدعوة المجلس الوطني الكردي إلى دمشق، في حين كنا ننتظر منذ مدة دعوة رسمية للوفد الكردي كونه يمثل إرادة الشعب الكردي”. واعتبرت “يوسف” أن “تفضيل جهة على أخرى من قبل الحكومة السورية المؤقتة يعكس سياسة دمشق في محاولة تقسيم الشعب الكردي وإضعاف القوى الكردية، عبر التعامل مع كل طرف على حدا، بدلاً من التعاطي مع الكرد كقوة موحدة”. مشددة على أن “أي زيارة منفردة من حزب الاتحاد الديمقراطي أو المجلس الوطني الكردي إلى دمشق تعتبر خطوة خاطئة”.
هذا فيما كشفت بعض المصادر الأمنية التي لم تعلن عن نفسها أن المخابرات التركية نسقت مع كل من “محمد إسماعيل، سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا (PDK-S)، وعبد الحكيم بشار”، بشأن إعداد وفد من شخصيات وأحزاب كردية للتوجه إلى دمشق وعقد لقاء مع “أحمد الشرع” خلال الأسبوع المقبل. ليعلن المجلس إثر ذلك أنه سيتوجه للحوار مع دمشق ولقاء الشرع بوفد يضم عدداً كبيراً من قياديين. وعقدت الأمانة العامة للمجلس، يوم السبت، اجتماعاً في القامشلي، قالت في ختامه إن هناك ضرورة للحوار والتفاوض الجاد بين السلطة السياسية في سورية والحركة السياسية الكردية، “لضمان تحقيق حلّ عادل وشامل للقضية الكردية في البلاد، وتحديد شكل الدولة السورية المستقبلية وهويتها”، حسب بيان صادر عن اجتماع المجلس.
ويأتي هذا التحرك بعد الزيارة الأخيرة لقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا إلى تركيا، وهو ما أثار علامات استفهام حول توقيته ودوافعه، خاصة أن تشكيل الوفد جرى بعيداً عن الأطر الداخلية للمجلس الوطني الكردي (ENKS)، وفي سرية تامة، دون إشعار جميع الأحزاب المنضوية تحت مظلته. واعتبرت بعض الأطراف هذه الخطوة تجاوزاً لمخرجات مؤتمر قامشلو ومحاولة لتقويضها.
وبحسب المصدر فإن قائمة المدعوين شملت خمسة عشر حزباً وشخصية سياسية، أبرزهم:
1- محمد إسماعيل
2- سليمان أوسو
3- نعمت داؤود
4- فيصل يوسف
5- فصلة يوسف
6- عبد الصمد خلف برو
7- محمود ملا (يساري كردستاني)
8- أمين حسام (أبو أكرم)
9- زردشت مصطفى (القوى الديمقراطية)
10- سرحان (المجلس الإيزيدي في سوريا)
11- عبد الحكيم بشار
12- إبراهيم برو
13- كاميران حاجو
14- زهرة أحمد (عضوة هيئة رئاسة مستقلة)
15- عبد الباري خلف (مستقل)
فيما أكد مصدر مقرب من داخل المجلس الوطني بأن سبعة أحزاب وتيارات أعلنت موقفاً معارضاً للمشاركة في هذا اللقاء، معتبرة أنه يمثل خروجاً عن أسس المجلس الوطني الكردي، والأحزاب الرافضة هي كل من:
1- حزب الوسط الكردي (أحمد عجة – شلال كدو)
2- الحزب الطليعي (د. إسماعيل حصاف)
3- البارتي الديمقراطي (بهجت بشير)
4- تيار مستقبل كردستان سوريا (ريزان شيخموس)
5- تيار المستقبل الكردي في سوريا (فادي مرعي)
6- الحزب الوطني الكردي (طاهر صفوك)
7- اللقاء الديمقراطي (فائق شيخي)
وأكدت مصادر سورية مطلعة في المجلس الوطني الكردي، لعدة وسائل إعلامية، أن الزيارة التي كان يجري الترتيب لها إلى دمشق لقياديي المجلس، للقاء الرئيس السوري “أحمد الشرع”، “تواجه عراقيل ربما تجهضها”، مشيرة إلى أن قائد قوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي” لم يقبل بإجراء هذه الزيارة، كما أن الجانبين الفرنسي والأمريكي لم يرحبا بها. وأوضحت المصادر أن الجانب الأمريكي طلب من المجلس الوطني الكردي الانضمام إلى اللجان الفنية التابعة للإدارة الذاتية التي تفاوض الحكومة السورية، لافتة إلى أنه لم ينصح بذهاب وفد المجلس منفرداً إلى دمشق.
وكان “يوسف فيصل”، المتحدث باسم المجلس الوطني الكردي، أبدى في حديث مع موقع “العربي الجديد”، قبل أيام، استعداد المجلس الوطني لعقد لقاء مع الشرع “في سياق المساعي الرامية إلى التوصل إلى حل عادل للقضية الكردية في البلاد”، مشيراً إلى أن أي لقاء محتمل لا يشكّل بديلاً عن الوفد الكردي المشترك، ما بين المجلس وحزب الاتحاد الديمقراطي، أكبر أحزاب الإدارة الذاتية، وفق ما أوضح “فيصل”.
إن سعي المجلس الوطني الكردي للتغريد مرة أخرى خارج السرب الكردي، يشكل خطوة خطيرة ضمن الأوضاع بالغة الحساسية التي تمر بها روجآفا ومناطق شمال وشرق سوريا، ووسط التعقيدات الكثيرة في الساحة السورية، وتعتبر طعنة في ظهر الإجماع الكردي الذي تم التوصل إليه خلال كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي الذي عُقد في إبريل/ نيسان الماضي. إلا أن السؤال الذي يطرحه العديد من المراقبين، ماذا كان موقف المجلس لو أنه كان يفاوض الحكومة السورية باسم الإدارة الذاتية، وهل الذهاب بشكل منفرد إلى دمشق يخدم حل القضية الكردية، في وقت “يتهاوش” فيه الكل على ابتلاع روجآفا وشمال وشرق سوريا؟ ألا يدرك ممثلو المجلس في قرارة أنفسهم أنهم يقدمون على اللعب بالنار، وأن دمشق لم تمنحهم شيء أكثر من جعلهم تابعين لها ويدورون في فلكها؟
الثابت أن المجلس لن يحصد أي نتيجة من لقاء “الشرع” أو سيتمكن من فتح قنوات خاصة له مع دمشق، لأن المراهنة على حكومة ضعيفة من هذا النوع لن تمنح شيئاً، وسيعود المجلس بِخُفَيْ حُنَين من أي لقاء خارج الإجماع الكردي، ففاقد الشيء لا يعطيه. والضغوط التركية عليه هدفها الأول والأخير شق الصف والإجماع الكردي، والوحدة الكردية التي عمل عليها الفرنسيون والأمريكيين، وهو أسلوب مبتذل وممجوج لا طائل منه، ومن المعيب جداً أن يلجأ المجلس إلى هذا الأسلوب في هذا التوقيت الحرج، وفي وقت غدت فيه القضية الكردية موضوعة على أجندة القوى الكبرى، وأصبح الكرد لاعبين أقوياء ليس في سوريا فقط، بل على مستوى المنطقة والعالم، والقبول بلقاء منفرد مع “الشرع” يقلل من مكانة الكرد داخلياً وإقليمياً ودولياً، حيث أن عيون الكل، وخاصة السوريين، ترنو وتتطلع إلى الكرد وقوات سوريا الديمقراطية. وكان أحرى بالمجلس أن ينسّق كل خطوة يُقدم عليها مع قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وقبلها مع الوفد الكردي المشترك، وبهذا يحافظ على مكانته واحترامه لدى الشارع الكردي.