أخبارمانشيت

“حان الوقت لطـ ـرد تركيا من حلف شمال الأطلسي”

قالت مجلة (فورين بوليسي) في مقال بعنوان “حان الوقت لطـ ـرد تركيا من حلف شمال الأطلسي” إن عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي كانت أفضل إنجاز للسياسة الخارجية التركية منذ تأسيس الجمهورية، الحليف الغربي. وتساءل “لماذا يواصل الناتو التعامل مع أردوغان غير المتعاون؟” يبدو أن أردوغان يحاول إضعاف حلف شمال الأطلسي في كل فرصة. ألم يحن الوقت لكي يُعيد الناتو النظر في عضوية تركيا؟

كثيراً ما يحب الدبلوماسيون الأتراك تذكير نظرائهم الدوليين بأن تركيا تعيش في منطقة صـ ـعبة وأن الحفاظ على سيادتها دليل على مهارات رجال الدولة الأتراك الذين عملوا بلا كلل لحماية أمن تركيا. وهذا الرأي صحيح. فقد لعبت قيادة (عصمت إينونو) دوراً رئيسيا في إبقاء تركيا خارج الحـ ـرب العالمية الثانية وتحت حُكم ألمانيا النـ ـازية، بينما كانت لا تزال حليفةً للغرب. وفي مقابل النمو الاقتصادي، أصبحت تركيا عضواً في حلف شمال الأطلسي في عام 1952، إلى جانب مع اليونان، لأن إدارة الرئيس الأمريكي (ترومان) كانت تعتقد أنه بدون عضويتها، لا يمكن السيطرة على الشيوعية في أوروپا. بالإضافة إلى المساعدة المالية بموجب مبدأ ترومان (400 مليون دولار لليونان وتركيا) والمساعدة العسكرية.

سمحت عضوية الناتو لأنقرة ببناء قدرة عسـ ـكرية حديثة وتوفير فوائد طويلة الأجل لتركيا. وقد سمحت عضوية الناتو لأنقرة بالذهاب إلى ما هو أبعد من قدراتها العسكرية، القدرات الاقتصادية أيضاً. إن استعداد أنقرة للعب دور عسكري في عمليات الناتو الرئيسية، مثل كوسوفو وأفغانستان، أعطى تركيا صوتًا قويًا داخل الناتو، وقد أولت العديد من الإدارات الأمريكية اهتمامًا خاصًا لمخاوف أنقرة الأمنية، سواء كانت تتعلق بحزب العـ ـمال الكوردسـ ـتاني أو التـ ـهديدات الروسية لفلاديمير بوتين. في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بعد أن أسـ ـقطت تركيا طائرة حـ ـربية روسية فوق مجالها الجوي (أول إجراء من جانب دولة عضو في الناتو منذ عام 1952)، كان على بوتين أن يفكر مليًا في الرد العسكري.

اليوم، يرى غالبية المواطنين الأتراك أن الولايات المتحدة هي التهـ ـديد الأكبر. أما تركيا، بقيادة أردوغان، فقد حاولت باستمرار إضعاف أمن الناتو. ولنتأمل هنا انجذاب حلف شمال الأطلسي إلى الدول الاسكندناڤية، التي يحتجزها أردوغان كرهينة منذ عام 2022. ما هو المطلوب لكي يقبل أردوغان عضوية السويد، وهي العضوية الأقل توقعاً من عضو في الناتو؟ الجواب: اتفاق واشنطن على بيع طائرات مقاتـ ـلة جديدة من طراز إف-16 إلى تركيا وربما لقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض. يجب تحديد سلوك حلفاء الناتو على أساس القيم المشتركة، وليس المعاملات. والسبب الذي يجعل الولايات المتحدة وحلفائها يريدون إدراج السويد في المقام الأول هو أن سلوك روسيا العـ ـدواني يهدد الأمن الأوروپي، وسوف يساعد اعتراف السويد في تعزيز حلف شمال الأطلسي في مواجهة هذا التهـ ـديد، ولكن تركيا لا تفعل شيئاً للقضاء على التـ ـهديد الذي تفرضه روسيا. في الواقع، في عام 2019، حاولت تركيا الحصول على نظام الصـ ـواريخ الروسي S-400، مما يقوض بشكل مباشر وحدة الناتو، ولهذا السبب تم استبعاد أنقرة من برنامج F-35 الأمريكي وإخضاعها لعـ ـقوبات CAATSA من قبل إدارة ترامب.

في بداية الغـ ـزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022، طلبت إدارة بايدن من أردوغان بذل المزيد من الجهد لمنع روسيا من خلق بيئة مالية مواتية لمستثمريها لنقل الأموال إلى الخارج وكسر العقوبات، وقد منحت قواتها البحرية الإذن بإعادة بناء سفن بوتين الشخصية (حوض بناء السفن في توزلا). عندما تنظر إلى المصالح الأمنية الرئيسية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ترى أن تركيا تعمل على إضعافها بشكل نشط. على سبيل المثال، تعد قوات سوريا الديمقراطية وشركاؤها الأمريكيون من بين أهم المؤسسات في المنطقة. لكن أنقرة تشـ ـن هـ ـجمات عسكرية على قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، التي تصنفها كمنـ ـظمة إرهابيـ ـة تابعة لحـ ـزب العـ ـمال الكردسـ ـتاني، في كثير من الحالات أن تركيا تُعرّض حياة الجنود الأمريكيين للخـ ـطر وقد أجبرت الجيش الأمريكي على إسقـ ـاط طائرة تركية بدون طيار. بين عامي 2019 و2022، قوّض أردوغان الأمن بشكل علني في شرق البحر الأبيض المتوسط من خلال التـ ـهديد بمهاجمة اليونان وضم جزء من قبرص التابعة للاتحاد الأوروپي بسبب قضايا المياه، وخاصة تلك المتعلقة بحقوق التنقيب عن الغاز الطبيعي. وبينما يبدو أن موقف أردوغان العـ ـدائي في المنطقة قد خفّت في عام 2023، فقد حلّ محله دعم تركيا المستمر للإرهـ ـاب. وأصبح دعم أنقرة لحـ ـماس، التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهـ ـابية، أكثر وضوحا بعد هجـ ـمات 7 أكتوبر/تشرين الأول التي أسـ ـفرت عن مقـ ـتل أكثر من 1200 شخص في إسرائيل. ووصف أردوغان حـ ـماس بأنها مجموعة من المقـ ـاتلين من أجل الحرية ويدعم المنظمة بنشاط دبلوماسياً ومالياً وعسكريا. لو تقدمت أنقرة بطلب عضوية الناتو اليوم، لما قامت حتى بالتحقيق في الطلب، ناهيك عن الموافقة عليه. السبب الوحيد الذي حال دون طـ ـرد تركيا من الناتو هو عدم وجود آلية لإزالة عضو بعد الانضمام إلى الحلف. وهذا عيب واضح. ربما لم يتصور منظمو الحلف قط أن حلف شمال الأطلسي قد يتبنى ذات يوم استراتيجية في مواجهة التـ ـهديد الذي يشكله أحد أعضائه. وقد يكون تغيير قواعد العضوية أمراً صعباً، ولكن نظراً للتـ ـحديات العديدة التي تواجه الغرب، فإن الوقت الآن مناسب لبدء مثل هذا الحوار. وعلى أقل تقدير، يجب أن يظل أعضاء الناتو متحدين ويتفقوا على عدم بيع أي أسلـ ـحة وقدرات عسكرية لأنقرة، مثل الطائرات المـ ـقاتلة. إما أن تكون حليفًا في الناتو وتقبل قيمنا المشتركة أم تختفي.

ADARPRESS #

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى