أخبارمانشيت

في اليوم الثاني لملتقى قامشلو التشاوري: اللامركزية مدخل للحل وضمان وحدة الأراضي السورية

أكد المتحاورون في اليوم الثاني لملتقى قامشلو التشاوري أنه في ظل ما يعيشه المجتمع السوري من انقسام وتمزق سياسي واجتماعي وجغرافي وثقافي، تعتبر اللامركزية الحل لضمان وحدة الأراضي السورية، مشددين أن سوريا بحاجة لعقد اجتماعي يتخذ من القيم الديمقراطية والوطن المشترك والهوية الوطنية أساساً.

جاء ذلك خلال أعمال اليوم الثاني لملتقى قامشلو التشاوري الذي نظمته اللجنة التحضيرية لمؤتمر القوى والشخصيات الديمقراطية في صالة زانا بمدينة قامشلو.

اليوم الثاني بدأ بتقديم ورقة اللامركزية من قبل عضو هيئة التنسيق حركة التغيير الديمقراطي، خلف داوود، ومن ثم النقاش عليها من قبل جميع الحاضرين، على أن يبدأ فيما بعد جلسة الطاولة المستديرة لبلورة ما تم التوافق عليه مع الخروج ببيان ختامي.

أول دستور اللامركزية في الشرق الاوسط

خلف داوود لفت في بداية الورقة إلى تاريخ اللامركزية في سوريا، وقالت: “بغض النظر عن التجارب الأممية المختلفة في تطبيق اللامركزية كنظام إدارة الدولة وما يرافقها من تدرج في السلطات فإن أغلبها عملت بالمبادئ الديمقراطية والتشاركية الأساسية، ورفعت من مستوى الحالة المعيشية والاقتصادية وحققت بشكل مقبول العدالة الاجتماعية لمواطنيها ومجتمعاتها المحلية”.

وأضاف: “وبالرغم من كل التحولات والتطورات الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شكلت مفاهيم اللامركزية في العصر الحديث، فإن سوريا الدولة التي لها تجربة ريادية مختلفة. إذ أن أول دستور اللامركزية في الشرق الأوسط، كان دستور سوريا عام 1920، وعليه فإن اللامركزية ليست بدعة أو حالة طارئة في سوريا بل كانت دائماً ومنذ تأسيس المملكة السورية إلى اللحظة الحالية قضية مطروحة ومتداولة لها الأسانيد القانونية والدستورية”.

المركزية الاستبدادية في سوريا هي سبب الأزمة البنيوية

وتطرق إلى الوضع الراهن في سوريا، تابع: “إن المركزية الاستبدادية الحاكمة في سوريا هي سبب الأزمة البنيوية وهي التي أوصلت البلاد إلى حالة يرثى لها من الناحية الاقتصادية والسياسية والإدارية والاجتماعية والثقافية، وبعد كل الدمار الذي حل بالبلد على كافة الأصعدة والمآسي الإنسانية المستمرة، سوريا بحاجة ملحة إلى حل وطني ينهي الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكون سوريا متعددة الثقافات والأعراق والديانات والمذاهب والطوائف، فإن النظام اللامركزي يشكل الحل الأمثل لإدارة الدولة”.

وعرف داوود مصطلح اللامركزية، بالقول: “تعني نقل السلطات والمسؤوليات والصلاحيات والموارد من المركز إلى الأطراف وفق آليات دستورية معينة، حيث يتم توزيع السلطات على مستويات عدة لتعزيز مشاركة المجتمع المحلي في إدارة نفسه بنفسه وتسهيل الإجراءات البيروقراطية، والسرعة في الإنجاز الإداري وتقديم خدمات فعالة وتقويض الفساد وتطبيق الحوكمة المالية وصرف الموارد بما يلبي الاحتياجات المحلية، بحيث ينتخب المجتمع المحلي إدارته المحلية عبر الاقتراع المباشر والسري والشفاف وتشارك مختلف شرائح المجتمع في عملية اتخاذ القرار”.

اللامركزية مدخل للحل

وعن ضرورة تطبيق نظام اللامركزية في سوريا، أكد داوود: “في ظل ما يعيشه المجتمع السوري من انقسام وتمزق واستقطاب سياسي واجتماعي وجغرافي وثقافي، اللامركزية هي مدخل للحل وضمان وحدة الأراضي السورية، سوريا بوضعها الحالي مقسمة بين ثلاث مناطق نفوذ، التواصل بينها يكاد يكون غير موجوداً، رسخ الاستبداد المركزي والمشاريع غير الوطنية التي تتبع لأجندات الدول الإقليمية، حالة الانقسام الجغرافي والمجتمعي والسياسي في سوريا”.

وتابع: “اللامركزية حاجة إدارية لمعالجة الإقصاء والتهميش والحرمان الواسع الذي عانت منه مناطق عدة خلال حكم النظام المركزي في سوريا، فعلى الرغم من احتواء هذه المناطق على الكثير من السنوات إلا أنها لم تنتفع بها، بل استخدمت بأساليب خاطئة وبشكل سلبي في سير الحكم وتشديد قبضته على حساب الخدمات والمنافع الاجتماعية، وتساعد اللامركزية على منع الصراعات أو الحد منها لأنها تقلل من أوجه عدم المساواة الفعلية أو المتصورة ببين مختلف المناطق وتعزز اللامركزية السلام بحيث تشجع الأطراف على مستوى الأقاليم والمحافظات بالتعبير عن إدارتها في إدارة مناطقها بعيداً عن هيمنة المركز”.

سوريا بحاجة إلى عقد اجتماعي

أشار خلف داوود إلى المبادئ الأساسية للامركزية في سوريا، قائلاً: “ضرورة تطبيق اللامركزية في السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية واتخاذ مبدأ فصل السلطات أساساً، وبناء عليه من الضروري أن يكون لكل إقليم جغرافي لا مركزي سلطاته الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويحق له تشكيل السلطات الثلاث على مستويات أدنى (المقاطعات)”.

مؤكداً “سوريا بحاجة لعقد اجتماعي على المستوى المحلي والوطني، يتخذ من قيم المواطنة والديمقراطية والوطن المشترك والهوية الوطنية المتنوعة والحقوق أساساً، ومن المهم أن يكون لكل إقليم جغرافي لا مركزي أو محافظة (مقاطعة)، عقدها الاجتماعي الخاص بما لا يتعارض مع الدستور العام للبلاد”.

وأوضح أنه أمام جميع هذه الحقائق والتحديات فإنه ليس هناك أي حلول سحرية للأزمة السورية، ولا مناص للقوى الوطنية الديمقراطية إلا في خيارين “إما أن ترضى بواقعها الحالي وتبقى مهزومة أمام المشاريع غير الوطنية والديمقراطية، وبالتالي تتحمل عبء مسؤولية المخاطر المحدقة وتداعيتها على سوريا، أو أن تتكاتف وتعمل على رؤية برنامج موحد تأخذ اللامركزية كمدخل للحل، وتضع حلولها على طاولة مجالس الأمة، وتتحول إلى رافعة وأداة حقيقية تتكفل بنفسها مسؤولية إجراء عملية التحول والتغيير الديمقراطي الجذري والشامل في سوريا”.

آراء ونقاشات المتحاورين

في ختام قراءة الورقة، ركز المتحاورون خلال نقاشاتهم على أن “النظام المركزي هو الذي أوصل سوريا إلى أزمة حقيقية، وأن اللامركزية هي حرية اجتماعية وقومية وسياسية وقادرة على إعادة توحيد سوريا أرضاً وشعباَ وهو الحل الأمثل لسوريا المستقبل، وأن تجربة اللامركزية تجربة رائدة” فيما أشادوا بنظام الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وأكدوا على ضرورة تطبيقه في جميع المناطق السورية.

ولفت المتحاورون أيضاً بأنه “من الصعب تطبيق اللامركزية في حال بقاء الاحتلال التركي على الأراضي السورية”، مشددين على ضرورة تحرير جميع المناطق المحتلة.

ADARPRESS #

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى