مقالات رأي

كيف ومتى ولماذا ظهرت الدول العربية؟

كانت القضية العربية، والعرب كقومية، شبه معدومة حضورهما وسماتهما في العالم الخارجي، وعلى طاولة المحافل الدولية، والمسلمون كانوا يصفون بـ (المحمديون) حتى قبل الحرب العالمية الأولى، أي قبل دخول بريطانيا وفرنسا إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
والجغرافية المسماة اليوم جدلاً، بـ (الوطن العربي) كانت ولايات ودويلات متنوعة القوميات، لا علاقة لها بالعرب أو القومية العربية، كانت تعرف بأسمائها دون العربية، تابعة للإمبراطورية العثمانية، وشبه الجزيرة العربية، المنطقة الوحيدة التي كانت تأخذ صفة (وطن العرب) أو المحتضنة للشعب العربي، وما تم لاحقا، من تعويم الصفة العربية على الدول المسمات اليوم بالوطن العربي، وإعادة تسيدهم عليها، حصلت على خلفيتين:
أولا، مصالح بريطانيا وفرنسا.
وثانيا، لخلق تبعية تعتمد عليها لمحاربة الإمبراطورية العثمانية. وبما إنها كانت تظهر ذاتها حامية المسلمين، فكان لا بد من تجريدها من هذه الصفة، أي عرض البديل، قيادة إسلامية، فكان أصحاب لغة النص، وأحفاد الإمبراطورية الإسلامية الأولى، أنسب البدائل، وهو ما تم. ولذلك تم تنصيب أولاد الشريف حسين على سوريا والعراق والأردن، ومثلها آل السعود على منطقة الحجاز أولا وآل الرشيد على منطقة حائل، وما تم لاحقا من التغيرات حصلت على خلفية مصالح بريطانيا.
التعتيم الكارثي، الذي قامت بها الإمبراطورية العثمانية، منذ اليوم الذي تمكنت فيها سلاطينها من عرض ذاتهم كخلفاء للمسلمين، أستمرت قرابة ستة قرون، كان كافيا للقضاء على الأمجاد العربية-الإسلامية وفرض العثمانية-التركية. وهو ما يود (رجب طيب أردوغان) إعادتها، وتظهر من خلال محاولاته التحكم بمصير ليبيا وسوريا، ومعاداة مصر، والسعودية لأخذ زمام العالم السني، وذلك بالاعتماد على الدول التركمانية الإسلامية، ودول غنية مهمشة كقطر.
تأكيداً على هذه الحقيقة التاريخية، كثيرا ما يتم التمجيد بالملك (فيصل بن حسين شريف مكة) وقلة من المثقفين العرب الذين اعتبروا رواد التنوير القومي، ويكررون مقولة الملك يوم قالها من على شرفة فندق بارون في حلب، حول القومية العربية على إنها قبل الإسلام والمسيحية واليهودية، في العديد من الكتب والأبحاث التي تناولوا بدايات تكوين الحراك القومي العربي، كشريحة خدمت مصالح البريطانيين والفرنسيين الذين قدموا خدمات للقومية العربية، لم تقدمها جميع الأحزاب العروبية العنصرية لاحقا، كالإخوان المسلمين، والشعب والبعث والناصرية وغيرهم. بتشكيلهم 22 دولة عربية من العدم.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
8/9/2022

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى