مانشيتمقالات رأي

مسد واعترافات العام الجديد


رياض درار

مع نهاية عام و بداية عام، الجميع يحب أن يسمع رسائل الأيام التالية وسيناريو المستقبل، القريب ولو لمسافة عام جديد، وفي هذه المناسبة سأستقرئ، وأتطلع وأبشر بما أراه أمامي.
فشرق الفرات سيستمر تحت الحماية الأمريكية، لأجل غير واضح الآن. ولكن الأمر لن يتغير كثيرا سواء بقي الأمريكيون أو ذهبوا . وظني أن كل متابع بصير يعرف أن مسد أعلنت عدة مرات أنها لا تحمل اي رغبة بالاعتداء او المواجهة مع تركيا، وعمليا لم يحصل أن خرجت رصاصة من سوريا ضد الأتراك، وهذه رسالة أولى أن الاحتلال غير مبرر، وهو تحرك مكشوف وراء إعلانات ضعيفة تلعب على ابتزاز القوتين الدوليتين المتنافستين في سوريا لرسم سياسات في مناطق أخرى، وأمريكا ليست خاسرة بقدر خسارة روسيا التي تغوص في الوحل السوري، لذلك التحاق التركي وراء الخطط الروسية لم تقدم له إلا انهيار الصورة الإيجابية عن اسلام معتدل وتطبيق يمكن التعامل معه في وجه الإرهاب الدولي، لكن الطموح التركي وسياسات حزب العدالة غيرت هذا الانطباع، وفضحت النوايا المبيتة والتي تختفي تحت شعارات الاعتدال الزائف، وأصابت تركيا بمقتل قد يؤدي بسياسات الرئيس التركي ويخسره الطموح والسيطرة.
ومسد أعلنت عدة مرات رغبتها العميقة بتحسين العلاقة مع تركيا، وانها جزء من المشروع السوري الوطني لإنقاذ سورية نحو دولة مستقلة مستقرة ديمقراطية لكل السوريين. ولم تعلن يوما أنها تريد الانفصال، وكذلك أعلنت الرغبة بالتواصل مع هيئات المعارضة ودون شروط، وهذا ما يجب على قوى المعارضة المعنية بإنقاذ ما يمكن إنقاذه أن تمد يدها للموقع الذي يشكل حتى الآن النواة لسورية الجديدة، قبل أن تأتي أحداث حيث لا تنفع الندامة على تضييع هذه الفرصة.
وحتى إعلان قبول التفاوض مع النظام، فإنه كان إعلانا بالمحصلة، ولقاءات جس نبض، والنتيجة هي التأكيد عدة مرات أنه لا قبول بشروط النظام التقليدية المذلة، وأن هدف التفاوض الوصول إلى الإصلاح لا التصالح، وحيثيات أي تفاوض لن تكون على حساب تضحيات السوريين، وليست من خارج قرارات المجتمع الدولي.
اما الارتباط مع الPKK فإننا لانحاسٍب التاريخ ولكن لا يوجد أي تعاون عسكري، والإيمان بفكر مؤسس التنظيم، هذا حق شرعي لمن يؤمن بفلسفة منظمة تقرأ الواقع وتضع الحلول له وتستقرئ التاريخ وتنصف قضايا الشعوب، وخاصة شعوب الشرق الأوسط التي تعاني من قهر مركب، قهر الدول القومية، والرأسمالية الشرهة، والدكتاتوريات المزمنة. ومتأكد أن كثيرا ممن يوجه الاتهامات لأوجلان لم يعرفه ولم يقرأه. ولمزيد من الإنصاف، إن تهمة الإرهاب هي من بقايا الحرب الباردة حيث كانت كل المنظمات التي تواجه المسار الأمريكي في المنطقة توسم بهذه الصفة، ومنظمات تعمل من أجل الحرية نالها هذا الوصف بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية، والسياسات المتبدلة تجاوزت ذلك، ويجب تجاوزه مع الPKK.
لابد من الاعتراف أن مشكلة مسد التي فشلت في حلها، هي انها لا تلعب إعلام ولاتمارس هذا الدور بحرفية، وهي تحت هجوم إعلامي مركز من قبل غالبية قوى المعارضة السورية التي تملك امكانيات وخدمات إعلامية مركزة أيضا، بما فيها الاعلام التركي والقطري وإعلام النظام وبعض العربي بالاضافة للايراني، فهم يملكون الساحة الاعلامية العربية كلها.. كل ذلك لا يبرر العجز عن نشر موقف مسد إعلاميا وتوضيحه، مع التأكيد على رفض الانتهاكات، ورفض التجاوزات، مع الأخذ بالاعتبار أن ليس كل ما قيل صحيح، وكثير مفبرك ومدروس بعناية في الغرف السرية.
ومع أنه كان هناك الكثير من الأخطاء، وأحيانا الأعمال غير المسؤولة، لكن لا يمكن الأخذ بكل ما يقوله الآخرون إعلاميا.
بالمحصلة التقصير من مسد أنها لا تقدم نفسها إعلاميا بصورة صحيحة.. لكنها ليست خارج الخيارات الوطنية السورية بسياستها عموما وطروحاتها، وهذا ما يجب أن يوجه الانتباه إليه، ويحسب حسابه مع عام جديد، حيث البشرى بأن انفتاحا على قوى المعارضة بدأ يأخذ طريقه، وأن اعترافات دولية بنموذج الادارة الذاتية ستسمح بتطويرها لتصبح مثالا يحتذى في سوريا الجديدة اللامركزية الديمقراطية. وأن الأيام حبلى بكل ما يبث الاطمئنان وينعش الأمل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى