حواراتمانشيت

خبير اقتصادي :” أي حكومة انطلاقا من مسؤوليتها لابد من انقاذ اقتصاد بلدها من التدهور سواء في حالة الحرب أو السلم…وثقة المواطن معدومة بالسلطة

يعيش المواطنين في المناطق الخاضعة للحكومة السورية أوضاع معيشة صعبة واقتصاد متهالك، وللنهوض بهذا الاقتصاد لابد من التفكير بخطط جادة بدا من مكافحة الفساد الإداري والسياسي السائد، ومصادرة أموال الفاسدين، ومكافحة التهرب الضريبي وشتى ممارسات اقتصاد الظل من تهريب وتجارة ممنوعة للسلع وتجارة المخدرات والتعدي على املاك العامة والخاصة، وخفض قيمة الضرائب لذوي الدخل المحدود، وكل ماتم ذكره لايطبق على أرض الواقع في المناطق الخاضعة للحكومة السورية، ويدفع ثمن ذلك المواطن المسكين.
ولمعرفة المزيد حول تفاصيل هذا الموضوع، تحدث لموقع” آداربرس ” الباحث الاقتصادي والاكاديمي السوري، الدكتور مهيب صالحة، قائلا:” في الحقيقة يتصدر الوضع الاقتصادي المتدهور وتردي المستوى المعيشي للمواطنين عناوين المرحلة الحالية من المسألة السورية اللذين بدأت تتسارع وتائرهما منذ منتصف عام 2019 نتيجة تدهور قيمة الليرة السورية بعد توقف البنك المركزي عن التدخل المباشر وغير المباشر في دعم استقرار سعر صرفها والتوجه إلى تعويمها في سوق الصرف واعتماد سياسة تعدد أسعار الصرف للاستحواذ على الفروقات الكبيرة بينها من أجل إعادة بناء احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية لإعادة تدويره في سياق إعادة إنتاج السلطة ومركزية القرار الاقتصادي والسياسي”.
تابع:” و لا ننسى أن هذه السياسة قديمة جديدة تم ممارستها في منتصف ثمانينيات القرن الماضي على أثر خلو البنك المركزي من أي احتياطي بالعملات الأجنبية مما أدى أيضاً إلى تدهور سعر صرف الليرة السورية تدريجياً من حوالي أربعة ليرات للدولار حتى بلغ خمسين ليرة للدولار- وفي هذا السياق تواترت عدة متغيرات جعلت الليرة تتأرجح صعوداً وهبوطاً بين حدي السعر الموازي الذي يبلغ الآن 2500 ليرة والسعر السوقي الذي ليس له قرار ، مما انعكس سلباً على الاقتصاد السوري وإمكاناته الإنتاجية، وعلى السوق السورية من حيث ندرة السلع وارتفاع أسعارها بشكل جنوني تتجاوز معادلاته سعر الصرف السوقي، وجاء حجز الأموال السورية في البنوك اللبنانية وقانون سيزر وجائحة كورونا وتوقف الخط الائتماني الإيراني واستمرار العمليات العسكرية في شمال غرب سورية، وصمت العالم المريب حيال المسألة السورية، ووضعها على الرف ليفاقم من تدهور الوضع الاقتصادي ويضع الحكومة قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس”.
أشار:” بأنه وعوضاً عن الاستجابة الإيجابية والفعالة من قبل الحكومة أو بنكها المركزي لتفسير حالة التدهور واتخاذ إجراءات إسعافية من أجل كبحها وطمأنة السوق وبث جرعة أمل لدى المواطنين الذين فقدوا ثقتهم بقدرة هذه السلطة على وقف حالة التدهور وهي أصلاً من افتعلها ومسؤولة عنها بغض النظر عما تسوقه من مبررات وحجج في أغلبها واهية وتدعو إلى السخرية، لجأت الحكومة إلى اتباع سياسات اقتصادية ( نقدية ومالية ) قسرية تجبي لها الأموال لكنها تدمر الاقتصاد وتقضي على فرص تعافيه” .
أردف:” ما من شك في أن الحكومة، أية حكومة، هي المسؤول الأول والأخير عن الحالة الاقتصادية في بلدها، والحكومة السورية منذ عقود لا تتعامل مع اقتصاد البلد من منطلق علمي وله توازنات وحسابات وأهداف مجتمعية عامة إنما تتعامل معه كحالة راهنة من منطلق مصلحي نفعي يخدم النظام وبيئته السياسية والمجتمعية”.
أكد:” لذلك لم تتخذ إلى الآن أية إجراءات لوقف تدهور الليرة وتآكل واهتراء الاقتصاد الوطني وتردي المستوى المعيشي، بل على العكس من ذلك كل ما تقوم به يرتكز على تشليح المواطنين الذين صار أكثر من 90% منهم تحت خط الفقر كل ما تبقى لديهم من أجل سد الرمق، وهذا بحد ذاته نتيجة منطقية وطبيعية لأزمة سياسية أخلاقية ما برحت البلاد منذ عقود، الأمر الذي يؤدي، بطبيعة الحال، إلى استمرار استنزاف الاقتصاد الوطني ومركزة الثروة والدخل وهدر الإمكانات والطاقات الوطنية وإضعاف الطلب الداخلي الفعال وإغراق السوق المحلية بالسلع الكمالية المستوردة” .
أختتم حديثة الدكتور، مهيب صالحة، قائلا :”إن أية حكومة انطلاقاً من مسؤولياتها القانونية والسياسية والأخلاقية مطالبة بتبني سياسات اقتصادية، مالية ونقدية، لإنقاذ اقتصاد بلدها من التدهور سواء في حالة الحرب أو حالة السلم، وإذا كانت عاجزة أو لا ترغب لدواعي خاصة فعليها الرحيل لأن وجودها، عندئذٍ، تكلفة وطنية لا طائل منها”.
آداربرس/ خاص

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى