الهيمنة التركية على القرار السوري: واقع يعرقل الاستقلال والسيادة

تشهد الساحة السورية، وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية المؤقتة، حالة واضحة من الهيمنة التركية على القرار السياسي والعسكري والاقتصادي، ما جعل كثيرين يرون أن هذه الحكومة لا تمتلك فعليًا استقلالية في قراراتها، بل تعمل ضمن توجيهات مباشرة من أنقرة.
منذ تأسيس الحكومة المؤقتة، كان يُفترض أن تمثل السوريين ، إلا أن الواقع الميداني والسياسي أظهر عكس ذلك. فكل قرار، مهما كان بسيطًا، يحتاج إلى موافقة تركية، وهو ما أفقد الحكومة هويتها الوطنية وحوّلها إلى جهاز إداري تابع لأنقرة أكثر من كونها سلطة تمثل إرادة السوريين.
وشهدت الأشهر الماضية محاولات متكررة للتقارب بين الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والحكومة المؤقتة، بهدف تهدئة الأوضاع وفتح قنوات تواصل تخدم الاستقرار.
لكن هذه الجهود غالبًا ما تُفشلها التدخلات التركية، إذ تؤكد مصادر أن وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة أسعد الشيباني يتلقى توجيهات جديدة من أنقرة تُناقض ما تم التفاهم عليه، ما يجعل أي اتفاق هشًّا وغير قابل للتطبيق.
نتائج الهيمنة على الأرض
التدخل التركي المستمر ترك آثارًا سلبية متعددة على الواقع السوري، من أبرزها:
خرق الاتفاقات والهدن المتكررة، مما يؤدي إلى تصاعد التوتر العسكري.
تشديد الحصار على أحياء مثل الشيخ مقصود والأشرفية في حلب.
تصعيد الهجمات في مناطق دير حافر ومحيطها.
تنامي نشاط خلايا داعش نتيجة الفوضى الأمنية وضعف التنسيق بين القوى المحلية.
إغلاق الطرق والمعابر بين مناطق الإدارة الذاتية ومناطق الحكومة المؤقتة، ما عمّق الأزمة الإنسانية والاقتصادية، وأثر سلبًا على حياة المدنيين.
إن استمرار هذا الوضع يهدد الوحدة الوطنية ويؤجل أي فرصة حقيقية لبناء دولة مستقلة ذات سيادة.
ما تحتاجه سوريا اليوم هو قرار وطني حرّ ينبع من الداخل، لا من مكاتب خارج الحدود، لأن أي مشروع وطني لن ينجح طالما أن القوى الخارجية تفرض شروطها على الأرض.