مانشيتمقالات رأي

قائدي هو نورالدين صوفي

دوزدار غريب

“الشهيد تاج على رؤوسنا، حي لا يموت أبداً”

القائد هو ذاك الشخص الذي طَبَعَ هدوؤه ومواقفه وأوامره في قلوب مقاتليه.

في كردستان، لدينا أبطالٌ مهما تحدثنا عن بطولاتهم فلن نتمكن من إنصاف جزء يسير من حقوقهم، ولن يسعفنا مخزوننا من الكلمات والجُمل في التعبير عن مدى صدقهم وإرادتهم أو الوفاء بحقهم. أحد هؤلاء الأبطال الذي أتحدث عنه هو “قائدي” الشهيد نورالدين صوفي.

الرفيق صوفي، أو كما يُعرف بـ”القائد الروحي”، كان يتمتع بخصال نادرة لا يملكها إلا القليلون في الشرق الأوسط. وعندما نتحدث عن قيادته، فقد كان بحق قائداً ورائداً.

لقد تعرفنا على القائد صوفي في جبال زاغروس وبوطان، ومع العم موسى في آمد، ورأيناه وسط المشقة وحلاوة الأرض المقدسة. في الجوع والعطش؛ كان يقف إلى جانب مقاتليه. من خلال عملياته الناجحة، كان يزرع الحماس والمعنويات في روح رفاقه. لقد شهدنا غضبه وحماسه في العمليات ضد الاحتلال التركي، في الهجمات على المخافر مثل بيسوسين، بيزيلي، وشيتزان في أورمار.

في تلك العمليات لم يكن الشهيد نورالدين صوفي مجرد مُنَسِّقٍ وقائدٍ للعملية، بل كان بنفسه مقاتلاً مهاجماً وسنداً لرفاقه. كان فناناً في السلاح، وصانعاً للبطولات، وفي الوقت نفسه كان طبيباً يداوي الجرحى والمصابين أيام الحروب الطاحنة.

قائدي نورالدين صوفي بهذه الخصال خاض الحروب في روجافاي كردستان، في مقاومة هجمات تنظيم داعش الإرهابي لم تهتز عزيمته ولم تلن أبداً. فإلى جانب كونه قائداً ميدانياً، كان محللاً عسكرياً وسياسياً قل نظيره، يدرس بعمق طبيعة عناصر داعش الإرهابيين في شمال وشرق سوريا، من تل كوجر مروراً بدير الزور والرقة ومنبج وكوباني، وصولاً إلى عفرين، كان قائداً ورائداً يعمل بلا كلل أو ملل.

ومن خلال هذه الكتابة نستحضر القائد صوفي بذكرى حيّة؛ ففي نهاية عام 2013، مع بداية ظهور تنظيم داعش الإرهابي، واشتداد قتال مرتزقة جبهة النصرة، وتحت قيادته وقيادة بعض الرفاق، جرى التحضير لتحرير منطقتي تل حميس وتل براك بريف قامشلو الجنوبي. في إحدى الحوارات بيني وبين القائد نورالدين صوفي، قال: “الرفاق قدموا تقريراً إلى القائد مفاده أن داعش بدأ بالانتشار في المنطقة، وأن المعارك بينها وبين جبهة النصرة اندلعت في ريف حلب ومنطقة جسر الشغور.”

وكان مقترح التقرير هو:

“يجب تأجيل أو إلغاء عملية تحرير تل حميس وتل براك حالياً، لأنه إن قاتلنا النصرة في هذه المرحلة فسوف يتوقف الصراع بينها وبين داعش، وسيتحدان معاً ضد مناطقنا. الأفضل أن نتركهما يضعفان بعضهما البعض أولاً.”

لكن رؤية القائد نورالدين كانت مختلفة، إذ قيّم الأمر قائلاً: “قد يكون هذا الرأي في مكانه، وله بعد استراتيجي في إضعاف العدو بالعدو، ولكن يجب ألا ننسى أن قوةً مُقاتِلة مثل YPG وYPJ، التي تستعد يومياً للمعركة، إذا ألغت أو أجلت العملية؛ فإن ذلك سينعكس سلباً على معنويات ودافعية المقاتلين والقادة. بالنسبة للجيش الثوري، التراجع أو إلغاء العملية قد يؤدي إلى الانهيار. الجيش الذي يخسر معنوياته ودافعيته لن يصمد طويلاً. لذلك نحن مضطرون أن نواجه هذا الخطر ونمضي قُدُماً”.

نعم، هذه كانت إحدى مواقف القائد والمناضل الكردستاني نورالدين صوفي. الثائر والقائد الذي كان يتخذ قراره بلا تردد، ذاك الذي يشعر بآلام شعبه، ويقوي عزيمة مقاتليه.

الرفيق نورالدين صوفي كان قريباً من الجميع في حياته، مميزاً في علاقاته مع المجتمع والشعب. كان كما يشير اسمه، ثائراً من أجل قضيته، كبيراً مع الكبار، طفلاً مع الأطفال، شاباً مع الشباب. لم يكن قائداً عسكرياً فقط، بل كان كاتباً وفناناً وشاعراً. المناضل والقائد نورالدين صوفي عاش حياته الثورية بروح ووعي اجتماعي، وعلينا كرفاقه أن نكمل نضاله ونمنحه الحياة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى