أخبارمانشيت

“خطوة استراتيجيّة أمريكية: من تصنيف YPG فرعًا عن PKK إلى شريك أساسي في شمال شرق سوريا”

قاسم عمر

في تحول لافت في الموقف الأمريكي تجاه القوى الكردية في سوريا، أعلن المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا، توم باراك، أن واشنطن لم تعد تعتبر وحدات حماية الشعب (YPG) جذرًا من PKK، بل أصبحت تراها “شريكًا وحليفًا مهمًا” في محاربة داعش والحفاظ على الاستقرار في المناطق التي تُدار ذاتيًا في شمال وشرق سوريا.

يعكس هذا التغيير والدلالات السياسية التي يحملها، مدى أهمية هذه الخطوة في تعزيز شرعية الإدارة الذاتية على الصعيدين العسكري والسياسي، وفي إعادة التوازن للعلاقات الإقليمية، وتحديدًا العلاقة المعقدة مع أنقرة.

إن تأكيد واشنطن على أن وحدات حماية الشعب شريك أساسي وليس فرعًا من PKK يعكس الدور المحوري الذي لعبته هذه القوات في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، حيث أثبتت قدرتها القتالية والتنظيمية في حماية مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا. بالنسبة للولايات المتحدة، فإن وجود قوة محلية منظمة وفعالة مثل YPG يوفّر ضمانة ميدانية لاستمرار الاستقرار، ومنع عودة التنظيمات الإرهابية. كما أن هذا الاعتراف يمنح قوات سوريا الديمقراطية التي تُشكّل YPG عمودها الفقري شرعية عسكرية متنامية، ما يعزز موقعها كقوة لا يمكن تجاوزها في أي تسوية مستقبلية تخص البنية الأمنية والعسكرية لسوريا.

على الصعيد السياسي، يُمثل التصريح الأمريكي نقطة تحول في نظرة المجتمع الدولي للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا. فإقرار واشنطن بـ YPG كحليف، يرفع من مستوى الشرعية السياسية للإدارة الذاتية، ويمهّد لإدماجها كطرف فاعل في أي مفاوضات مستقبلية حول الحل السوري. في المقابل، يشكل هذا الموقف تحديًا جديدًا للعلاقة الأمريكية ـ التركية، إذ ترى أنقرة في وحدات حماية الشعب امتدادًا لحزب العمال الكردستاني. لكن واشنطن، عبر هذا الفصل الواضح، تُرسل رسالة مفادها أن الكرد في سوريا لم يعودوا ورقة ثانوية في المعادلة، بل جزءً أساسيًا من إعادة صياغة المشهد السياسي والدستوري للبلاد.

 إن أي نقاش حول توحيد القوات العسكرية في سوريا لا يمكن أن يتم دون إصلاح النظام السياسي أولاً. فبالنسبة لقسد، الاندماج في جيش مركزي خاضع لسلطة دمشق من دون ضمانات دستورية ولامركزية ديمقراطية، سيعني العودة إلى نمط الحكم الشمولي الذي يرفضه الشعب في شمال وشرق سوريا وفي الساحل السوري وفي مدينة السويداء. من هذا المنطلق، تضع قسد شروطًا سياسية واضحة: بناء نظام يضمن مشاركة جميع المكونات ـ الكرد، العرب، الآشوريون، الأرمن، العلويون والدروز ـ والاعتراف بحرية المرأة كعنصر أساسي في أي نظام ديمقراطي. وبدون هذه الأسس، يبقى أي حديث عن دمج عسكري بلا قيمة حقيقية.

يمكن القول إن إعلان المبعوث الأمريكي يمثل نقطة انعطاف مهمة في مسار الأزمة السورية، إذ يمنح وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية اعترافًا استراتيجيًا يزيد من ثقلها السياسي والعسكري على حد سواء. على المستوى العسكري، يكرّس هذا الموقف YPG كقوة محلية رئيسية في مواجهة الإرهاب وضمان الاستقرار. أما سياسيًا، فإنه يعزز شرعية الإدارة الذاتية كطرف لا غنى عنه في أي عملية تفاوضية تخص مستقبل سوريا. في المقابل، تظل التحديات قائمة، خصوصًا في ظل معارضة تركيا الشديدة لهذا الاعتراف، وتمسك دمشق بمركزية الدولة. لكن الواضح أن التحالفات الجديدة، والدور الأمريكي في إعادة ترتيب موازين القوى، سيجعلان من الكرد عنصرًا محوريًا في أي تسوية قادمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى