
بعد أن أعلن مكتب السيدة الأولى شاناز إبراهيم أحمد، عن اعتقال أحد المتهمين البارزين في جرائم الأنفال في عهد النظام البعثي البائد، المدعو حجاج أحمد حردان المعروف بـ(عجاج)، والذي ارتكب أفظع الجرائم ضد المعتقلين في سجن نقرة السليمان، حيث كان مشرفا على السجن، اعترف المجرم بجرائمه ضد المعتقلين الكرد والعرب في ذلك السجن.
تقول السيدة الأولى شاناز إبراهيم أحمد في بيان: “لم يمر يوم واحد دون أن أقف إلى جانب عائلات الضحايا. لقد وعدتهم: باننا سنسعى لتحقيق العدالة مهما طال الزمن، وأن يحاسب كل من تلطخت يديه بدماء نسائنا وأطفالنا الأبرياء. ولقد نجحنا الآن في تحديد مكان عجاج أحمد حردان، وهو واحد من أكبر المجرمين في نقرة السلمان في صحراء السماوة، وتم اعتقاله. وفي ذلك السجن تحديداً، تم تعذيب وتجويع الآلاف من نسائنا وأطفالنا وشيوخنا، ثم دُفنوا في صمت.
واضافت: عُرف المجرم عجاج بمعاملته القاسية لشهداء الأنفال، وبالإرهاب الذي مارسه على عائلات الضحايا. لكن الآن، وبعد 37 عامًا، لم يعد طليقاً مفلتاً من القصاص.
أدعو اليوم جميع المعتقلين السابقين وعوائل ضحايا الأنفال، وعوائل المفقودين أن يقدموا شكاويهم القانونية وأن يشاركوا بشهاداتهم. لتأخذ العدالة مجراها، وليحاسب هذا المجرم على جرمه بحق شعبنا. سأظل ملتزمة بكل قوتي للدفاع عن هذه القضية الإنسانية والتاريخية. ولن أتخلى أبداً عن ذكرى شهدائنا. ولا التوقف عن النضال من أجل الحقيقة والعدالة.
في اعترافاته التي نقلتها صحيفة الصباح، لم يُنكر المتهم مسؤوليته عن الجرائم، بل أقرَّ بأنّه قاد منهجيَّة التجويع والاغتصاب اليوميِّ بحقِّ المعتقلين الكرد من ضحايا الأنفال كأداةٍ للقتل الجماعيِّ.
وعند تسلّمه إدارة سجن نقرة السلمان العام (1989)، أُفرغ السجن من نحو (400) معتقلٍ عربيّ، ونُقل بدلًا عنهم نحو 3 آلاف معتقلٍ كرديٍّ من السليمانيَّة وأربيل.
وقال المجرم عجاج في اعترافه: “استخدمنا التجويع سلاح حرب، الذي لايقلّ فتكًاً عن القصف العسكريِّ.. لقد مات ثلثا المعتقلين خلال عشرة أشهرٍ فقط.”
وُلد المجرم عجاج أحمد حردان العبيدي، في محافظة صلاح الدين، وتخرّج في كليَّة الأمن القوميِّ- الدورة السابعة. شغل مناصب مختلفةً في مديريات الأمن (أربيل، الرميثة، النجمي، بصية، المثنى)، حتى أصبح المشرف العامَّ على سجن نقرة السلمان.
عُرف بدمويته بين المعتقلين الذين أطلقوا عليه لقب “الحجّاج” دلالةً على قسوته.
“دارا حمه علي” أحد الشهود على عمليات الأنفال وجرائم المدعو (عجاج) في سجن نقرة السلمان، تحدث للموقع الرسمي للاتحاد الوطني الكردستاني PUKMEDIA، قائلاً: “عجاج كان مشرفاً على سجن نقرة السلمان، وقد ارتكب جرائم فضيعة ضد المعتقلين وذوي المؤنفلين في السجن، سعدت كثيراً اليوم بسماع نبأ اعتقاله، وقد آن الأوان لأبناء وذوي المؤنفلين لإقامة دعاوى قضائية ضده لينال جزاءه العادل لقاء ما ارتكبه من جرائم”.
وأضاف دارا حمه علي: “المسألة لا تنطلق من مبدأ الانتقام، ولكن عن طريق الشكاوى وإقامة الدعاوى القضائية يمكننا الكشف عن هول جرائم الأنفال، وهذا المجرم المعتقل، كما يمكن أن تسهم اعترافاته في الكشف عن متهمين آخرين في الجريمة، وإحالتهم الى العدالة”.
وأوضح الشاهد على جريمة الأنفال، أن “عجاج كان قاسياً جداً في نقرة السلمان مع المعتقلين، وكان يتعامل بعدوانية معنا ومع ذوينا، فأنا شاهد حي على العديد من جرائم هذا المجرم، حيث لم يتوان قط عن إيذاء نساء وأطفال المؤنفلين، لذا كأحد أبناء المؤنفلين، سررت كثيراً باعتقاله، وأود أن أكون أول من يسجل دعوى قضائية ضده”.
يقول شاهد آخر على جرائم المجرم عجاج: لقد شاهدت بأم عيني الكثير من الجرائم والاعتداءات التي قام بها هذا المجرم ضد السجناء الكرد في سجن نقرة السلمان.
وأضاف: في أغلب المرات كان هذا المجرم يقوم بضرب النساء والأطفال والشيوخ دون اي رحمة وخوف من الله، وفي مرة رأيته يضرب شيخاً عجوزا بعصى ولم يترك الشيخ حتى أغمي عليه، واعتقدنا جميعاً بأنه فارق الحياة من هول الضرب الذي تعرض له.
وأوضح: أن أزلام النظام البائد وعلى رأسهم المجرم عجاج نفذوا العديد من جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية بحق المواطنين الكرد الأبرياء.
سجن نقرة السلمان
سجن نقرة السلمان هو أحد أقدم السجون في العراق، يقع في ناحية السلمان بمحافظة المثنى وسط منطقة صحراوية قرب الحدود العراقية السعودية.
هذا السجن وحسب موقعه الجغرافي لا يمت للكرد بصلة، لكنه بات واحداً من أبرز المعالم الشاهدة على الجرائم التي ارتكبها نظام المقبور صدام حسين ضد الكرد من حملات أنفال وإبادة جماعية، حين قام بنقل الآلاف من الكرد إلى هذه المنطقة، وزج بهم في السجون، فضلاً عن دفن الآلاف من الكرد وهم أحياء في مقابر جماعية في تلك الصحراء القاحلة.
مراحل حملات الأنفال
* الأنفال الأولى: منطقة السليمانية، محاصرة منطقة (سركه لو) في 23 شباط لغاية 18 آذار 1988.
* الأنفال الثانية: منطقة قرداغ، بازيان ودربنديخان في 22 آذار لغاية 1 نيسان.
* الأنفال الثالثة: منطقة كرميان، كلار، باونور، كفري، دووز، سنكاو، قادر كرم، وهي أشد مراحل الأنفال فتكاً وقتلاً وتدميراً، وبلغت ذروتها في 14 نيسان، بدأت في 7 نيسان لغاية 20 نيسان.
* الأنفال الرابعة: في حدود سهل (الزاب الصغير) أي بمعنى منطقة كويه وطق طق وآغجلر وشوان، من 3 أيار إلى 8 أيار.
* الأنفال الخامسة والسادسة والسابعة: محيط شقلاوة وراوندز، من 15 أيار ولغاية 26 آب.
* الأنفال الثامنة: المرحلة الأخيرة، منطقة بادينان، آميدي، آكري، زاخو، شيخان، دهوك، من 25 آب ولغاية 6 ايلول من العام 1988.
الحديث عن الأنفال هو حديث عن حملة قتل جماعي، وإبادة منظمة وفقاً لجميع المقاييس، إذ إن الأنفال كانت الخطوة الأولى لإبادة المجتمع الكردستاني. وتدمير القرى في كردستان، واستراتيجية حملات الأنفال كانت تدمير جميع القدرات الدفاعية التي يتمتع بها المجتمع الكردستاني.
وجرائم الأنفال التي تسبب في استشهاد (182) ألف إنسان كردي، بدأت بعمليات عسكرية، والمناطق التي نفذت فيها الجرائم انقسمت على ثمانية مراحل، المرحلة الأولى من الحملات بدأت في منطقة السليمانية 22/2/1988، وكانت المرحلة النهائية لحملات الأنفال والمعروفة بخاتمة الأنفال في منطقة بادينان في 6/9/1988، استخدمت في مراحل حملات الأنفال جميع أنواع الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة السلاح الكيمياوي من نوع الخردل والسيانيد وغاز الأعصاب والفسفور.