
بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير خارجية الحكومة الانتقالية في دمشق أسعد الشيباني إلى روسيا، التي ارتكبت المجازر بحق الشعب السوري أيام نظام البعث؛ تناولت عدة مواقع وقنوات رسمية عربية ودولية الموضوع، متسائلين عن السبب والأهداف والدوافع وراء هذه الزيارة؛ إلى أن كشف تقرير لموقع (Syria in transition) أنه مع تنامي زخم اللامركزية في سوريا، ازداد قلق تركيا؛ لذلك ضغطت على إدارة الشرع للانسحاب من جولة مباحثات في باريس مع قوات سوريا الديمقراطية.
ويرى التقرير أن:
-تركيا باتت تجد نفسها في سوريا بدون حلفاء مهمين في سعيها لاستعادة دولة مركزية قوية.
-تفكك استراتيجية “صفر مشاكل” التي تبناها الشرع عند توليه السلطة، لذلك تحاول تركيا القيام بدور أكثر حزماً في تشكيل السياسة السورية.
ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن رسالة تركيا إلى الشرع واضحة وهي – تعزيز العلاقات مع موسكو – إذ ترى أنقرة في عودة روسيا إلى صف دمشق بأنها موازنة النفوذ الإسرائيلي والسعودي والغربي في سوريا. كما ستحافظ على وحدة أراضي البلاد وحكومة مركزية قوية. حسب زعمهم
ووفقاً للتقرير توجه الشيباني إلى موسكو بإيعاز من أنقرة ليعرض عليها هذه المطالب:
-الاستعداد للحد من الطموحات الإسرائيلية.
-حل المشاكل مع الدروز والعلويين.
-تزويد الجيش السوري الضعيف بالأسلحة، وإعادة تأهيل المخزونات الحالية.
-دعم إزالة تصنيفات الإرهاب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على الشرع ووزير داخليته أنس خطاب.
-دعم روسيا هجومًا للجيش السوري بدعم من القوات الجوية التركية ضد الكرد في تكرار لعمليات سابقة.
في المقابل قدمت روسيا مطالبها الخاصة وهي:
-إعادة ضباط عهد الأسد إلى الجيش السوري، وخاصة أولئك الذين تربطهم علاقات قوية بموسكو.
-إعادة تعيين ضباط أمن من الدروز والعلويين لإدارة الأمن في المناطق ذات الأغلبية الدرزية والعلوية.
-إعادة هيكلة ديون سوريا التي تقدر بنحو 50 مليار دولار.
-اتفاقيات تمنح روسيا الوضع القانوني الكامل لقواعدها العسكرية في سوريا.
أمام هذا الواقع يجد الشرع نفسه عالقًا بين خيارين لا مفر منهما:
أولاً، إذا أخذ الشرع بنصيحة تركيا ووطّد علاقاته مع روسيا، فقد يضمن دعماً عسكرياً واستراتيجياً ضد “تحالف الأقليات”.
وثانياً، قد يؤدي تعزيز التحالف مع روسيا إلى خلاف مع الغرب، الذي أبدى عدم رغبته في العمل مع سوريا تحت النفوذ المباشر لموسكو.
حيث يدعو الغرب إلى سوريا موحدة، ويصر على حل سياسي يتضمن ترتيبات لتقاسم السلطة، لا سيما مع الكرد والأقليات الأخرى.
لكن من وجهة نظر الشرع، سيؤدي هذا إلى إنشاء مراكز قوة متنافسة تتعارض مع هدفه في الحفاظ على السيطرة الكاملة على الجهازين السياسي والعسكري للبلاد.
ويذهب التقرير إلى أن هناك اعتراف دولي متزايد بأن الصراع السوري (الذي لم ينتهِ بعد) لا يمكن حله من خلال نهج دمشق، ولكسر الجمود يمكن عقد مؤتمر دولي أوسع نطاقًا من أجل:
-جمع اللاعبين الرئيسيين، بما في ذلك الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإسرائيل والعرب والأوروبيين.
-صياغة خارطة طريق مستوحاة من قرار مجلس الأمن رقم 2254 بشأن ما يجب أن يحدث في السنوات الثلاث المقبلة.
-وضع خارطة طريق تحدد معايير واضحة لعودة النازحين، وإعادة الإعمار، والإنعاش الاقتصادي، على أن يتم تحقيق ذلك من خلال عمليات شفافة.
كل هذا يتوقف على نجاح حوار وطني حقيقي بحيث:
-يشمل هذا الحوار جميع الأطراف السورية المعنية – حكومة الشرع، والطائفة السنية عمومًا، والكرد، والعلويين، والدروز، والأقليات الأخرى.
-دستور دائم ونظام سياسي يوازن بين الحاجة إلى سلطة مركزية ودرجة اللامركزية، والتمثيل اللازمين لاستيعاب مختلف مكونات البلاد.
ويختم التقرير بأنه كلما طال أمد عدم تسوية المسألة، زاد احتمال أن تتحول الترتيبات المؤقتة إلى دائمة، لذلك يواجه الشرع
-إما مواصلة اتباع استراتيجية قسرية لتوحيد البلاد، ربما بدعم عسكري تركي وروسي.
-أو تبني الحوار ودرجة من اللامركزية والتعددية السياسية.