
في ظل تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية، وتراجع آمال الحل السياسي في سوريا، عقدت الهيئة الرئاسية لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد) اجتماعها الدوري في مدينة الحسكة، بحضور الرئيسة المشتركة للمجلس السيدة ليلى قره مان، ومشاركة الدكتور محمود المسلط عبر تقنية الفيديو، إلى جانب الرئيسة المشتركة لهيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية السيدة إلهام أحمد، وأعضاء من الهيئة.
ناقش الاجتماع مستجدات الواقع السياسي، محذراً من تعثر المرحلة الانتقالية وفشلها حتى الآن في تحقيق التمثيل الشامل لكافة مكونات الشعب السوري، واعتمادها على مقاربات أمنية، تهمش الحوار، وتُضعف فرص بناء شراكة وطنية حقيقية.
وقالت السيدة ليلى قره مان في كلمتها: “إن المرحلة الانتقالية لم تفعّل جانبها السياسي كما ينبغي، وتبدو اليوم وكأنها تبتعد أكثر عن أهدافها الوطنية، والمرحلة الانتقالية التي وُعد بها السوريون باتت عبئاً يطيل أمد الفوضى، لا مشروعاً يفتخ آفاق الحل، محذرة من الاتجاه الكارثي، الذي أزّم المشهد أكثر، مشددة على أن التهميش والجمود في التعامل مع المكونات السورية يعمّقان الانقسام ويقوضان الثقة”.
وأضافت: “لا يمكن لأي مرحلة انتقالية أن تنجح وهي تكرّس الإقصاء وتغلب المقاربة الأمنية على التفاهم الوطني، فالعنف لا يبني دولة، والإقصاء لا يوحّد شعباً”، داعية إلى إطلاق مشروع وطني جامع يكرّس وحدة المجتمع على قاعدة الشراكة لا الهيمنة.
بخصوص أحداث السويداء، أكدت ليلى قره مان أهمية دور العشائر، وأعربت عن رفضها للزّج بأبناء العشائر في صراعات أهلية تشوّه صورة العشيرة وقيمها، مشددة على أن ما جرى لا يعبر عن حقيقة موقف العشائر ولا دورها التاريخي الوطني.
كما أدان الاجتماع بشدة الانتهاكات التي طالت المدنيين، وأي مساعي لاستغلال أبناء العشائر في المسارات التي تعزز مناخات التطرف والإرهاب.
وطالبت ليلى قره مان بإجراء تحقيق شفاف ومستقل في الانتهاكات التي طالت المدنيين وبشكل خاص بحق النساء والأطفال في السويداء، وأن لا تتم المماطلة كما حدث سابقاً بشأن أحداث الساحل، مضيفة: “كرامة الإنسان السوري لا يجب أن تكون موضوع مساومة، والعدالة يجب أن تكون الأساس في بناء سوريا الجديدة”.
وفي سياق متصل، أشارت ليلى قره مان إلى أهمية الاجتماع الذي عُقد مؤخراً في باريس، بحضور المبعوث الأمريكي توماس باراك، ووزير الخارجية الفرنسي، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، معتبرة أن البيان الصادر عن الخارجية السورية تعليقاً على الاجتماع، يُظهر أن المجتمع الدولي ما يزال يرى في الحل السياسي طريقاً ممكناً لإنقاذ البلاد، وأضافت: “الرسالة كانت واضحة: على السلطة أن تعود إلى المسار السياسي بجدية، لا أن تستمر في المناورة والتعطيل”.
من جهتها، شددت السيدة إلهام أحمد على أن “اللامركزية لم تعد خياراً نظرياً، بل ضرورة وطنية لضمان وحدة سوريا، وعدالة توزيع السلطة والثروة، مؤكدة أن أي تسوية سياسية لن تنجح دون إشراك حقيقي لكل المكونات السورية على قاعدة الشراكة والكرامة”، مشددة على أن “استمرار التهميش والاقصاء سيؤديان إلى مزيد من التأزيم والانهيار”.
وفي ختام الاجتماع، دعت الهيئة الرئاسية إلى العودة إلى اتفاق العاشر من آذار بين القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية ورئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، معتبرة إياها مرجعية وطنية يمكن البناء عليها لدفع مسار الحل السياسي.
كما توافقت الهيئة الرئاسية على إطلاق حوار وطني شامل يضم كافة السوريين، بمختلف مكوناتهم السياسية والاجتماعية والإثنية والدينية، بهدف وضع خارطة طريق لانتقال سياسي حقيقي نحو سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية، تقوم على قيم العدالة، المساواة، والمواطنة.
وأكدت الهيئة أن المرحلة الانتقالية تمرّ بمنعطف حاسم، وأن غياب التمثيل الحقيقي وفشل النماذج الحالية يهددان فرص التسوية.
وشددت على أن الحل لا يمكن أن يكون عبر التحريض واستمرار آلة القتل ودوامة العنف، بل عبر حوار وطني جامع يعيد الثقة بين السوريين، ويؤسس لدولة ديمقراطية تصون الحقوق وتحمي التعددية.
واختُتم الاجتماع بتأكيد مجلس سوريا الديمقراطية على التزامه بمسؤوليته الوطنية، واستعداده الدائم للتواصل مع جميع السوريين، من أجل بناء مستقبل مشترك يليق بتضحياتهم وتطلعاتهم نحو دولة مدنية عادلة.