مانشيتمقالات رأي

هل سيخضع الأسد لــ”اللامركزية” التي طرحها الكرد؟


آلان معيش، كاتب وصحفي كردي سوري
قال رئيس النظام السوري بشار الأسد، أنه من غير الممكن العودة إلى ماقبل “الأزمة السورية” والنظام المركزي لم يعد يستطيع إدارة البلاد, والآن الفرصة مناسبة للانتقال من نظام “المركزية” إلى “اللامركزية.”
الأسد أدرك أخيراَ، أن تمسكه بالدستور “العنصري”، لن يخلصه من الأزمة الاقتصادية، التي تفاقمت في مناطق سيطرته، وبات الحصول على لتر من البنزين، حلم كل شخص موالٍ له، بعبارة أخرى، من يؤيد الأسد عليه أن يتحمّل عواقب إجرامه بحق الشعب السوري وتمسكه بالسلطة رغم الدمار الذي خلفته ذهنيته الدونية والدكتاتورية.
السياسة الغوغائية التي يمارسها “الأسد الأبن” على مواليه، لم تعد تحقق مبتغاها، فالشعب أصبح يتذمر من خطابه “الديماغوجي”، الذي يبقى في الهواء الطلق دون أن يؤمن علبة حليب لطفلٍ رضيع متعطش.
بالتزامن مع الدمار الذي خلّفه النظام السوري، أتى الخط الثاني أي المعارضة الإخوانية لتعمّق الجرح السوري، فلم تكترث لمطالب الشعب الذي انتفض من أجل حقه، وبذريعة محاربة النظام، تحالفت مع تركيا وقطر الداعمتين للإخوان واحتلت مناطق سوريا، ورسخت فيها ثقافة القتل والنهب والخطف، ومارست التغيير الديمغرافي بحق الكرد السوريين، ولم تختلف عن النظام سوى أنه يمثل جهة تحاربه!.
الجهتان (النظام والمعارضة)، لم يتبنا أي تغيير جذري لإنهاء الأزمة التي حصدت أرواح مئات الآلاف من المدنيين، بل أختارا طريق السلطة والدكتاتورية، وجعلا من مناطق سيطرتهما، مناطق جوع وعطش ورعب وتجاوزات وصلت إلى ارتكاب “جرائم حرب”، لم تشهد سوريا مثلها على مر العصور.
ولكن شمال وشرقي البلاد، لم تنجر وراء تلك السياسات، وانتهجت خطاً يختلف عنهما، فقدمت مشروع الإدارة الذاتية بمشاركة جميع الشرائح السورية، وطرحت فكرة “اللامركزية” كحل لإنهاء الأزمة والعيش بأمان، بعيداً عن تقسيم الأراضي السورية.
أعترف الأسد أن بسياسته المركزية لا يمكن إدارة البلاد، والآن يمكنهم تفعيل دور الإدارات المحلية، ولكن ماهي كواليس اعتراف الأسد بأخطائه فهناك عدة احتمالات؟
أولاً : الضغوطات الدولية وممارسة سياسة العقوبات، أجبرا الأسد على الخضوع لمطالب مناطق شمال وشرق سوريا (الإدارة الذاتية) وأخيراً درعا والسويداء.
ثانياً: ذكر مصطلح “الإدارات المحلية” هي خدعة من الأسد، فهذا البند موجود ضمن الدستور السوري الحالي ولكن “غير فعال”، ويمنح السلطة المركزية التحكم بالقوى الأمنية بجميع المناطق بأوامر مباشرة، دون الرجوع إلى الإدارة المحلية، ويستطيع أيضاً تغيير هذه الإدارة بمرسوم رئاسي متى ما أراد.
ثالثاً: تقويض جهود الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بالحصول على اعتراف دولي التي بات قاب قوسين بعد الحركة الديبلوماسية في الدول الأوروبية مؤخراً، وتصغيرها بمشروع  الإدارات المحلية، الذي رفضته “الذاتية” في أواخر عام 2019.
رابعاً: توجيه رسالة للمعارضة، التي تحارب اللامركزية، من منطلق أن “الكرد” هم من يمثلونها، وتعتبرها خطراً على وجودها.
الاحتمالات كثيرة ولكن الأهم في هذه المرحلة، أن مصطلح “اللامركزية” التي طرحته إدارة “روجافا” (الكرد)، في بداية الأزمة السورية، بات الحل الوحيد على الساحة السورية والدولية، وذلك على أساس احترام خصوصية جميع القوميات والمكونات الموجودة على تلك الرقعة الجغرافية، ومشاركتهم في إدارة البلاد، بعكس النظام والمعارضة.
وإذا ما قارنا بين المناطق السورية الثلاث، نجد بأن انتهاج طريق الحرب والدمار والقتل، لا يمكنه إنهاء أي أزمة، بل على العكس من ذلك، فالحوار هو سيد الحلول!…
 
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى