تقاريرمانشيت

النـ ـزاعات الانفصالية في العالم العربي.. أحلام مؤجلة وماذا عن تجربة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا

عبدالحليم سليمان /الاندبندنت العربية

سوريا… “أجانب الحسكة”
ضمت سوريا الدولة الحديثة عام 1920 مناطق كردية في حدودها الشمالية التي تحددت بخط سكة أقطار الشرق السريع الواصل بين بغداد وبرلين، وارتبطت الكتلة السكانية الكردية مع أرضها التاريخية جنوب الخط الحديدي بسوريا، ومع صعود النفس القومي في المنطقة تأسست جمعية “خويبون” أو الاستقلال عام 1927 في بيروت التي رفعت مطالب قومية كردية وتبنت علماً خاصاً بالأمة الكردية، إذ تشكلت الجمعية من زعماء كرد من سوريا وتركيا وبعضهم قاد وشارك في انتفاضات مسلحة ضد الدولة التركية الحديثة وقتها.
في سنوات الانتداب الفرنسي على سوريا كان الحراك السياسي الكردي واضحاً مع ما عرفت بالكتلة الوطنية والتوجهات السياسية النخبوية لكن لم ينل الأكراد أي اعتراف بوجودهم في دستور البلاد بعد الاستقلال، ليتشكل أول حزب كردي (الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا) عام 1957 الذي يعتبر الحزب الأم للحركة السياسية الكردية في البلاد، الذي رفع هو الآخر مطالب قومية وثقافية خاصة بالكرد وإدراجها في دستور البلاد، لكن تلك المطالب جوبهت دائماً بإجراءات أمنية مشددة من الحكومة المركزية في دمشق، إذ اعتقلت نشطاء وقياداته وحكموا بمدد مختلفة بهدف وأد تلك المطالب وإنهاء الحراك السياسي الكردي.
مشاريع لتغيير الديموغرافيا
انتقلت الحكومات المركزية القومية في سوريا سريعاً من الإجراءات الأمنية إلى مشاريع واتخاذ قرارات على مستوى الدولة في مواجهة الكرد، إذ جرد نحو 130 الف شخص كردي من الجنسية السورية وأحصتهم كأجانب وعرفوا بـ”أجانب الحسكة” في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) 1962 وهؤلاء فقدوا بذلك جميع حقوقهم المدنية في البلاد وأصبحوا على هامش الحياة في البلاد، فلم يستطع المجردون من الجنسية إكمال دراستهم أو الالتحاق بالوظائف الحكومية أو الانتساب إلى سلك الشرطة وقوى الأمن والقوات العسكرية ناهيك عن عدم السماح لهم بتسجيل ممتلكاتهم في السجلات الرسمية.
ومع وصول حزب البعث إلى السلطة عبر الانقلاب العسكري عام 1963، بدت السياسات التمييزية أكثر وضوحاً تجاه الكرد، إذ شرعت الحكومة بتنفيذ مشروع في تغيير الخريطة السكانية في شمال شرقي سوريا عبر ما عرف بالحزام العربي الذي أقامته الحكومة السورية في 1975، ويقول عنه الكاتب الصحافي عباس علي موسى إن هذا المشروع يعد أحد المشاريع التمييزية ضد الكرد في سوريا بخاصة كرد الجزيرة.
وهدف المشروع إلى التعامل مع الكرد كعناصر أجنبية تخريبية وأنهم سيقومون بجلب الويل إلى سوريا، ونفذ المشروع الجديد في حزام سكاني بطول نحو 300 كيلومتر، وعمق تراوح ما بين 10 إلى 15 كيلومتراً، وامتد من ريف مدينة ديريك وحتى غرب مدينة سري كانيه (رأس العين).
وبلغ عدد العوائل المستقدمة من العرب حوالى 4 آلاف أسرة وعائلة من ريف الرقة وحلب. وشيدت لهم 40 قرية نموذجية مستحدثة عبر دمج عقارات من قرى بأكملها وأجزاء منها، مع إطلاق هذه التسميات المعربة عليها ومحو الأسماء القديمة من السجلات. وبلغ عدد القرى الكردية المتضررة 335 قرية بتعداد سكاني تجاوز حينها 150 ألف نسمة.
انتفاضة الـ12 من آذار
بقيت السياسات التمييزية مستمرة لدى الحكومات السورية على مدى عقود وكان يوازيها حراك سياسي مدني يصفه الساسة الكرد في سوريا بالنضال اللاعنفي والمدني، حتى الـ12 من مارس (آذار) 2004 إذ وقعت أحداث شغب داخل ملعب مدينة القامشلي، وحينها بدأت الشرطة وقوات الأمن السوري بقتل عدد من المشجعين الأكراد، ليتحول اليوم التالي من المباراة إلى تظاهرات شعبية كردية في جميع المدن الكردية بما فيها الأحياء التي يقطنونها في مدينتي دمشق وحلب، وعلى إثرها تعاملت السلطات الأمنية بعنف مع المتظاهرين، إذ قتل نحو 30 شخصاً بالرصاص الحي، وآخرون تحت التعذيب أثناء الاعتقال، واعتقل آلاف من الشباب والناشطين الكرد لمدد مختلفة وصلت إلى أكثر من سنة عرفياً، كما فصل عدد من الطلبة من دراساتهم الجامعية.
وبعدها زادت الحكومة من التضييق على المناطق الكردية عبر إصدار مراسيم وقرارات أسهمت في هجرة آلاف العائلات إلى الداخل السوري بحثاً عن لقمة العيش.
مع بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا في مارس (آذار) 2011 كان الشارع الكردي جاهزاً للانضمام لتلك التظاهرات مع رفع شعارات تطالب بحقوقهم القومية والسياسية، بما فيها أن تكون سوريا بلداً فيدرالياً بعيداً من المركزية.
أول تشكيل عسكري كردي
سرعان ما تحولت الاحتجاجات الشعبية إلى صراع مسلح بين السوريين وبقيت المناطق الكردية حتى صيف 2012 بعيدة من الصراع المسلح إلى أن بدأت فصائل تابعة للجيش السوري الحر بالرغبة في السيطرة على تلك المناطق التي تشكل أطراف الدولة ومصدراً للموارد الزراعية والطبيعية.
وتشكلت وحدات حماية الشعب ذات التوجه اليساري والمحسوبة على حزب الاتحاد الديمقراطي، وهي أول تشكيل عسكري في تاريخ أكراد سوريا، إذ أعلنت أنها ستحمي المنطقة بمكوناتها المختلفة بما في ذلك أحياء كبرى في مدينة حلب حيث يوجد فيها الكرد الذين يشكلون امتداداً اجتماعياً واسعاً مع منطقة عفرين الواقعة شمال غربي المدينة.
دخلت الوحدات الكردية في صراع مع تلك الفصائل أحياناً ومع القوات الحكومية أحياناً أقل، لكن كثر نشاطها في مواجهة تنظيم “داعش” لتأسس مع فصائل مسلحة عربية أخرى في مناطقها تحالفاً عرف باسم قوات سوريا الديمقراطية، وخاضت أشرس المعارك بدعم من التحالف الدولي المشكل حديثاً في كوباني والرقة وانتهاء بالباغوز في مارس 2019.
ولاحقاً كانت عرضة لعمليات عسكرية تركية في شتاء 2018 وخريف 2019 لكن هذه القوات كانت على الدوام تعلن مع جناحها السياسي “مسد” أنها تكافح من أجل سوريا تعددية لا مركزية بعيداً من أي مشاريع انفصالية على رغم ارتفاع حدة اتهامها بذلك خصوصاً من تركيا وأطراف من المعارضة السورية وأحياناً من النظام السوري وحليفه الروسي إرضاء لمسار أستانا الذي يجمع كلاً من إيران وروسيا وتركيا.
لقراءة التحقيق كاملا على الرابط التالي:

www.independentarabia.com/node/471066

ADARPRESS #

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى