مانشيتمقالات رأي

تغيّر في الخطاب الأمريكي إزاء سوريا.. تقرير أمريكي: من المرجّح أن واشنطن ستغيّر مسارها

فاجأ موقف الولايات المتحدة الأمريكية من عودة سوريا إلى محيطها العربي المعارضة السورية والداخل الأمريكي إلى حد كبير، معتبرين أنه كان يتعيّن على واشنطن القيام بإجراءات حاسمة لوقف عملية التقارب الحاصلة.

الانتقادات أشارت إلى أن التراجع الأمريكي في سوريا بدا واضحاً بالخطابات الأمريكية، حيث قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: “إدارة بايدن أبلغت حلفاءها العرب أن سوريا لا تستحق إعادة قبولها في جامعة الدول العربية، لكن القرار يعود لهم”، مضيفاً: “لن نطبع مع سوريا ولكن في المقابل لدينا أهداف مشتركة مع شركائنا في ما يتعلق بسوريا”.

صحيفة “العرب” اللندنية نشرت مقالاً لفتت فيه إلى التغيرات التي طرأت على الخطاب الأمريكي السياسات العربية إزاء سوريا، مشيرة إلى أن “حتى المطالبة اللفظية بتغيير الدولة السورية تخلت عنها أمريكا، وأصبحت بياناتها تحث على إجراء إصلاحات سياسية”.

وكذلك صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية نشرت مقالاً في نيسان الفائت أكدت فيه أن “إدارة بايدن تتحدث أمام الجماهير الغربية وكأنها ما تزال ملتزمة بعزل الحكومة السورية، ففي آذار الفائت انضم البيت الأبيض إلى حكومات المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا ليعلنوا: نحن لا نطبع العلاقات مع دمشق ليكون هناك تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي للحرب السورية، ومع ذلك عندما بدأت دول عربية مختلفة جهوداً لتطبيع العلاقات مع سوريا، أشارت إدارة بايدن إلى استعدادها قبول النتيجة، وبدلاً من الاحتجاج بشدة على هذه التحركات، قالت باربرا ليف، مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، في مقابلة الشهر الماضي: ننصح أصدقاءنا وشركاءنا في المنطقة بضرورة الحصول على شيء مقابل هذه المشاركة مع دمشق”.

لا تراجع عن العقوبات

السلاح الوحيد الذي تواجه به الولايات المتحدة الأمريكية هذه الانتقادات هو سلاح العقوبات التي تفرضها على سوريا، وقالت في هذا السياق المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار: “إن عقوباتنا على الدولة السورية ستظل قائمة، بما في ذلك عقوبات قانون قيصر”، بينما تبدو هذه التصريحات غير مقنعة للمعارضة السورية والداخل الأمريكي، وتشير في هذا الصدد صحيفة “العرب” إلى أن “تعرف أمريكا أن الدولة السورية يمكنها تجاوز العقوبات بطرق عدة، وتدرك أيضاً أن الدول العربية متباينة في خصومتها مع الحكومة السورية، كما أن البلاد المجاورة لسوريا تئن تحت ضغط النازحين واللاجئين منها، هذا بالإضافة إلى تأثيرات التغيير الذي طال المنطقة بأسرها، بعد التطبيع الذي حدث بين تركيا ودول عربية عدة”

بدورها تشير الباحثة كارولين دي روز في تقرير نشره موقع “جيوبوليتيكال فيوتشرز” الأمريكي
إلى أن “عدداً من الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط ترى أن الضغط على زر إعادة الضبط مع سوريا يمثل مبادرة مرحّباً بها”، مضيفة أن “الضرورات الجيوسياسية للمنطقة فاقت الضغط الذي تمارسه واشنطن وغذت الزخم لمزيد من التطبيع”.

ما علاقة إيران؟

أبرز التحركات العربية إزاء دمشق كانت بالتقارب السعودي- السوري، فمنذ أن وصل وزير الخارجية فيصل المقداد، إلى الرياض، وزيارة نظيره السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق، وذلك بعد أيام قليلة من التقارب السعودي- الإيراني برعاية الصين، بدأت تتسارع وتيرة التحركات العربية إزاء دمشق، حيث أجري اجتماعا عمّان وجدة وبعد أيام عادت سوريا إلى الجامعة العربية، وفي هذا الصدد لفتت صحيفة “العرب” إلى أن “من الأمور التي ساعدت على تسارع التطبيع العربي مع سوريا هو رغبة السعودية في التواصل مع إيران، وهذا يعني بشكل أو بآخر، اتفاقاً واضحاً في المنطقة على تغيير التحالفات لصالح إحلال السلام”.

على حين لفتت دي روز في تقريرها إلى أنه “فيما يتعلق بالولايات المتحدة، يمكن أن تكون المبادرات للتطبيع مع سوريا نهاية حملة العزلة التي استمرت سنوات وتهديداً لاستراتيجياتها الأوسع في مواجهة إيران”.

ماذا عن المعارضة السورية؟

لم تكن أنباء التقارب العربي من سوريا “سارّة” لهياكل المعارضة السورية السياسية منها والعسكرية، وسبق أن أكد رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة بدر جاموس، في 6 أيار الجاري، أن الهيئة أجرت جولة في مختلف دول العالم ومنها أمريكا لمناقشة مسألة التقارب العربي من سوريا، مؤكداً أن “الأجوبة التي تلقيناها هي أن واشنطن موقفها ثابت لم يتغير، ربما هناك ضعف في التصرفات ولكن الموقف ثابت”، مضيفاً أنهم أجروا عدداً من اللقاءات مع سفراء دول عربية في تركيا وجنيف والرياض والقاهرة، لمناقشة مسألة التقارب العربي من سوريا، وأكد أن “ما قيل لنا: إن ما نجريه (أي الدول العربية) لمصلحة السوريين، ولا يمكن استمرار الأزمة 12 عاماً، ولم تنجح محاولات السياسة القديمة بغلق الباب على القوة السورية، ولا توجد قوة ستذهب لإسقاطها، فيجب الحديث معها لإيجاد الحلول”.

وفي هذا السياق لفتت صحيفة “رأي اليوم” إلى أنه “بمراجعة الحال السياسية للدول والأطراف التي راهنت على الولايات المتحدة في ظل أزمات المنطقة المُفتعلة، يمكن رؤية أمثلة كثيرة وجديدة، على من باعتهم واشنطن في بازار التوافقات، أو استغنت عنهم لأجل مصالح وأهداف خاصة”.

ما خطة واشنطن الآن؟

سبق وأن أكدت تقديرات أمريكية أن واشنطن قد تتجه نحو “إعادة تقييم سياستها” في سوريا، الأمر الذي أكده مساعد مدير “وكالة الاستخبارات المركزية” الأمريكية السابق بول بيلار، في لقاء تلفزيوني أجراه مع قناة “الحرة” الأمريكية، حيث قال: “العزلة التي تفرضها أمريكا والحكومات العربية لم تُثمر وبالتالي من غير المنطقي أن نقول إننا سنحافظ على هذه السياسات”، وفي هذا السياق لفتت الباحثة كارولين دي روز في تقريرها بموقع “جيوبوليتيكال فيوتشرز” إلى أن “الولايات المتحدة ليست مستعدة بأي حال من الأحوال لإجراء تعديلات في العلاقة مع سوريا، لكنها تدرك دفع الشرق الأوسط الحتمي تقريباً نحو التقارب مع سوريا، لذا فمن المرجح أن تغير المسار في مرحلة ما، ما يشجع شركاءها في الشرق الأوسط على جني كل ما في وسعهم من محادثات التطبيع للحفاظ على مصالحهم السياسية والأمنية في سوريا”.

ADARPRESS #

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى