مقالات رأي

رياديات المستقبل: صانعات السلام والمشهد الجديد في شمال وشرق سوريا

“صوت وحضور: نحو مستقبل مزدهر بقيادة نساء شمال وشرق سوريا”

 بحقبة حكم البعث الغابرة ألقت الظلال القاتمة بجلاليبها على كيان المرأة، محيت فيه إرادتها وثبت عرش التهميش المُظلم. ولما جاء الوارث الديمقراطي كبرقٍ ملهم، إذ يتجدد الأمل والخلاص يتسامى ليعلو كنقاء سماء صيفية. وبثورة تموز المباركة، التي عُرِفت برمسيس الإنقاذ “ثورة المرأة” نَبَضَت الحياة في عروق المنطقة، وتفتقت جمان النجاة للذين اختزلت أزمنتهم بين جدران الطغيان وخواء السلطة ارتدت هذه الثورة عباءة الصدح بمجد التضحيات وتعزز المكتسبات، لتُسْمِعَ بها نواقيس الأمل في كل ركن من أركان عالمنا الفسيح، تُعلن عن بزوغ فجر جديد شهد بأن الوتين يمكن، على يد المرأة، أن ينطق بالحق ويتحدى أسوار الظلم.

ففي نموذج مغاير للصورة السائدة في العالم العربي والشرق الأوسط عموماً، تحضرت المرأة بشكل بارز في مؤسسات الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، منذ تأسيسها منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2013 من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي بل وسجلت النساء حضوراً فاعلاً حتى في المعارك ضد مرتزقة داعش لاسيما من خلال القوات الباسلة وحدات حماية المرأة التي تأسست العام 2012

كما وتم تأسيس هيئات خاصة بالنساء ولجان نسائية في جميع الهيئات والمؤسسات الرسمية والمجتمعية وطبق أيضاً نظام الرئاسة المشتركة في مؤسسات الإدارة وبحيث حدد العقد الاجتماعي الذي يعد بمثابة دستور محلي للإدارة الذاتية، تمثيل المرأة بنسبة 50% على الأقل.

*رحلة البقاء… المرأة السورية وتحديات الحرب والاحتلال

 إن الوضع الذي يعيشه المدنيون وخاصة النساء في مناطق الحكومة السورية هو مأساوي ويعكس مدى المعاناة التي عانتها المرأة السورية خلال سنوات الأزمة وظاهرة الهجرة التي زعزعت الكيان الأُسري وجعلت المرأة تحمل أعباءً إضافية سواء كانت داخلية أو خارجية أما من ناحية التحديات الجسيمة التي تواجهها المرأة فقد تعرضت للعديد من الانتهاكات والصعوبات مثل العنف، الاعتقال العشوائي الاختطاف وغيرهم من أشكال البطش هذه الأمور ليست فقط انتهاكات لحقوق الإنسان بل تشكل أيضاً تحديات تعيق فرص النساء في التعليم، العمل وممارسة الحياة بكرامة.

واقع المرأة السورية خلال سنوات الأزمة، والتهميش الذي تعرّضت له من قِبل حكومة دمشق، والانتهاكات والعنف الذي ارتُكب بحقّها من قِبل مرتزقة داعش وما تتعرض له في المناطق التي تحتلها دولة الاحتلال التركي.

 لا شك أن وضعية المرأة في مناطق الاحتلال التركي تعتبر مقلقة، حيث توجد تقارير عديدة تشير إلى انتهاكات حقوق الإنسان، خصوصاً في ما يتعلق بالنساء ومن المعروف أنه في ظل نظام احتلالي متشدد وطامس لحرية المرأة تصبحن بهذه الفترات أكثر عرضة للعنف، بما في ذلك العنف الجنسي، الاتجار بالبشر، والزواج القسري

وبحسب تقارير كشفتها المنظمات الحقوقية والإنسانية كانت قد وثقت حالات للعنف والتعذيب الجسدي والنفسي التي تتعرض له النساء في هذه مناطق مثل عفرين وإدلب واعزاز وغيرها من المناطق المحتلة كما وتصف هذه التقارير كيف تتم ممارسة سياسات تقييد حرية المرأة، وكبت الحريات الأساسية، والتي تعتبر انتهاكات صريحة لحقوق المرأة

فمن جهة أخرى نسلط الضوء فيه على دور المرأة بعد ثورة 19 تموز، حيث انطلقت رياح التغيير بمناطق الإدارة الذاتية حيث بدأت المرأة تكتب فصلاً جديدًا من العزة والكرامة في تاريخ المنطقة. تحولت من ظلال صامتة إلى أصوات جهورية وقوى فاعلة لا تُقهر في المجتمع كما أصبحت رمزًا للحرية والشجاعة؛ تقود المسيرات الجماهيرية الحاشدة وترفع الأعلام المسماة بشعار ( المرأة الحياة الحرية ) بالإضافة إلى الوقوف في خطوط الدفاع الأمامية جنبًا إلى جنب مع قوات سوريا الديمقراطية وتُخطط وتُدير وتقاتل من أجل حقها في تقرير المصير

كما وتُعزز المرأة وتُحلق في فضاءات السياسية بجرأة وثقة، تُعيد حقوقها التي كانت مهمشة منذ عقود كانت مكبّلة بسلاسل النظام البعثي

“تجسيد التنوع والقوة: دور المرأة في بناء ثورة شمال وشرق سوريا الجديد”

 لعبت المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا دورًا مهمًا جدًا في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية خلال السنوات الماضية، وخصوصاً مع إشراق شمس 19 تموز وبالتحديد المرأة الكردية والعربية وكان لها دور بارز في الحركات السياسية وفي قوات الدفاع، حيث شاركت في وحدات حماية المرأة (YPJ) التي لعبت دوراً محورياً في القتال ضد مرتزقة داعش كما قامت بتأسيس المؤسسات والمجالس التي تركز على قضايا وحقوق المرأة

بينما شاركت النساء السريانيات أيضاً بفعالية في الحياة السياسية والمدنية، مؤكدات على دورهن في بناء المجتمع ونشر ثقافة الحوار والتسامح على الصعيد الاجتماعي، ساهمن في تعزيز التعليم وتمكين المرأة اقتصاديًا من خلال مشروعات تنموية وورش عمل تدريبية.

فعلى الصعيد الإقليمي والدولي شاركت المرأة في شمال وشرق سوريا بوضوح في المنتديات والمؤتمرات الدولية مطالبة بالسلام وحقوق الإنسان ومشاركة المرأة الفعالة وذلك بهدف رفع الوعي العالمي بتجربتهن والتأثير على السياسات الدولية لدعم حقوق المرأة وحمايتها لتُظهر هذه المساهمات مدى القوة والإصرار الذي تمتلكه المرأة في هذه المنطقة على الرغم من الظروف الصعبة والتحديات الجمة، وتُسلّط الضوء على أهمية دور المرأة كعنصر أساسي في بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة.

آداربرس/خاص

ADARPRESS #

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى