الجنوب منـ.ـزوع السـ.ـلاح …اتفاق غير معلن بين دمشق وواشنطن بشأن إسـ.رائـ.ـيل
كشفت مصادر دبلوماسية عن مسودة اتفاق أمني يجري بحثها بين دمشق وواشنطن، تتضمن ترتيبات حساسة تتعلق بالحدود الجنوبية لسوريا وبالعلاقة مع إسرائيل، في إطار تفاهم أوسع تشرف عليه الولايات المتحدة. الاتفاق، الذي لم يُعلن رسمياً بعد، يبدو أنه يهدف إلى إعادة صياغة قواعد الأمن الإقليمي وتثبيت استقرار الجنوب السوري مقابل التزامات سياسية وعسكرية من الطرفين.
وفق المسودة المتداولة، تلتزم الحكومة السورية بدراسة الانضمام إلى آلية التطبيع الإقليمي المعروفة باسم “اتفاقات إبراهام”، كخطوة أولى نحو فتح قنوات التعاون الاقتصادي والأمني والدبلوماسي مع الدول الموقعة، على أن يتم ذلك بما يحفظ السيادة السورية ومصالحها الوطنية.
ويتضمن الاتفاق إنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتد من القنيطرة ودرعا حتى أجزاء من ريف دمشق، حيث يُمنع وجود الأسلحة الثقيلة أو الفصائل المسلحة المستقلة. وتشير البنود إلى أن قوات أمن محلية محدودة التسليح ستتولى حفظ الأمن تحت إشراف بعثة مراقبة دولية، بينما تلتزم دمشق بضمان استقرار محافظة السويداء وحماية الطائفة الدرزية ومنع أي توترات داخلية تمس أمنها.
وفي خطوة لافتة، تنص الوثيقة على ترتيبات مراقبة مشتركة في مناطق جبلية استراتيجية، منها جبل الشيخ وسلسلة القلمون، بمشاركة فرق مراقبة إسرائيلية محدودة تعمل تحت إشراف أمريكي مباشر. كما يُسمح لإسرائيل بتنفيذ طلعات جوية محددة الأهداف داخل الأجواء السورية، شرط التنسيق المسبق مع واشنطن عبر لجنة ثلاثية مختصة.
أما في ما يتعلق بالجولان، فتقرّ دمشق بـ “الواقع الميداني” للسيطرة الإسرائيلية خلال فترة سريان الاتفاق، مع تعهّد بعدم القيام بأي نشاط سياسي أو عسكري يُعتبر مساساً بالوضع القائم، على أن يُترك الحسم القانوني النهائي لوضع الهضبة لمفاوضات دولية لاحقة.
وتتضمن المسودة كذلك التزامات سورية بـ منع نشاط تنظيمات مسلحة إقليمية مثل حزب الله وحماس والفصائل الفلسطينية داخل أراضيها، إضافة إلى تقليص النفوذ العسكري الإيراني، بالتنسيق مع الجانب الأمريكي.
في المقابل، تنص البنود على إعادة هيكلة تدريجية للمؤسسات العسكرية والأمنية السورية، مع السماح بعودة بعض الكوادر التي لم تُسجّل بحقها انتهاكات جسيمة، تحت إشراف وطني ودولي، إلى جانب تعاون مشترك بين دمشق وواشنطن في مكافحة الإرهاب وتنفيذ برنامج نزع السلاح وإعادة الإدماج (DDR) بإشراف الأمم المتحدة.
ووفق الاتفاق تلتزم سوريا بعدم تشكيل أي تهديد للأمن الإقليمي في المشرق وشرق المتوسط، والامتناع عن دعم أو إيواء جماعات تزعزع استقرار الجوار، مع التأكيد على تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالحل السياسي وتهيئة بيئة آمنة لعودة اللاجئين وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار.
رغم عدم صدور أي إعلان رسمي من دمشق أو واشنطن بشأن هذه التفاهمات، إلا أن تسريبها يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في مقاربة الملف السوري، خصوصاً في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة ومساعي الولايات المتحدة لإعادة هندسة التوازنات في جنوب سوريا على قاعدة “الاستقرار مقابل الانفتاح”.


